يُحكى بأنّ الرزقَ يطلبُ صاحبَه *** لكن بشرط السعي فيما يُنتجب
فالمال زينٌ للمعاش وذخرُه *** والكدّ في تحصيله ذا يُستحبّ
بل واجبٌ للمرء أن يسعى له *** إن كان في طلب العفافِ عن الطلب
أقصوصةٌ أتلو عليكم للعبرِ *** عن طامعٍ بالرزقِ واهٍ مضطرب
لا يبصر النعم التي يحلو بها *** من صحّةٍ وسلامةٍ ومن الصحب
يشكو وينحَبُ ليلَه ونهارَهُ *** لا يكتفي من رزقه مهما كسب:
“ما ضرّ أموالي إذا كَثُرَت ولو *** أمسيت أغفو والفراش من الذهب؟
أَوَليس مكتوباً على فقري غدًا *** أن يستوي حالًا إذا الدهر انقلب
ما حاجتي بالناس أو بمتاعهم *** لو كان يُدرك مالُ قارونٍ عجب
بئسًا لضرّي كم رَجَوْتُ المال من *** خُزّان تبرٍ إنّما خاب الطلب
فالمال عشقي والثراء مماطلي *** عندي على من يَرزقُ كلّ العتب...”
قد عاش كلّ سنينه يستنظر *** ما طال هذا المنتحب غير النحب
إذ مات وهو يعاتب الربّ الغنيّ *** عجبًا لمن لا يستحي ممّن وهب
لو أدرك العيش الكريم قناعةً *** ورضىً ومحيًا طيّباً مع من أحب
ورفيق دربٍ مؤنسٍ يحظى به *** وغلامِ برٍّ صالحٍ حسنِ الأدب