الباحث : د. محمود عبد الفتاح المقيد
اسم المجلة : مع الشباب
العدد : 9
السنة : السنة الثانية - ربيع2020م / 1441هـ
تاريخ إضافة البحث : July / 18 / 2020
عدد زيارات البحث : 1775
عندما نتحدّث عن الموضة، فإنّنا نتحدث عن مرض العصر الذي أصاب شبابنا العربيّ في كلّ مكان، إنّها تلك الهجمة الثقافيّة والفكريّة والسلوكيّة التي تبدو ناعمة في بعض وجوهها، ولكنّها كالطوفان الجارف الذي جعل الشباب أسرى لديه، يهتمّون بالمظهر وحسب، يقفون أمام المرآة كَمَن يلاحظ أو يراقب شيئًا..، يريد أن يرسم لنفسه شخصيّة رآها في أحد مواقع التواصل، أو في أحد المسلسلات التلفزيونيّة أو الأفلام السينمائيّة، أو ربما في أحد صالونات الحلاقة، أو لأحد اللاعبين، أو ربما شاهده كملصق دعائيّ في السوق أو الشارع هنا أو هناك..، والهاجس الذي يسيطر على عقل ذلك الشاب ونفسيّته هو جذب أو لفتُ الأنظار إليه، والتميُّز عن غيره، وكثيرٌ منهم يسعى للتفرُّد بما يملكه أو بالنمط الذي يرتضيه لقصّة شعره التي ينبغي أن تلائم ذوقه وما اختاره لنفسه، وتجده يهتم بملابسه ليبدو بمظهر مختلفٍ أو مميَّزٍ عن أقرانه، بما يرتديه من ملابس عصريّة، وهو على استعداد تامّ لتحمّل النفقات الباهظة المترتبة على هذا النمط الذي اختاره لنفسه، وذلك فضلًا عن الوقت والجهد المبذول لأجل تلك الصرْعات المستحدثة.
إنّنا حقًّا أمام شكلٍ من أشكال الهزيمة النفسيّة، والشعور بالدونيّة، والإحساس العميق بالعجز والنقص، نتيجة حالة الفراغ والخواء الروحيّ والفكريّ الذي يعيشه الشباب في مجتمعاتنا العربيّة، وإنّني أذهب إلى أن مردَّ ذلك ـ أيضًا ـ يعود للفتور والتراخي واللامسؤوليّة والانخداع بالقوّة الزائفة والافتتان بالجوانب الظاهريّة للحضارة والتمدّن الغربيّ، فيقع الشاب في حالة من المراوحة وعدم التوازن.
ولعلّ من أسوأ مظاهر التبعيّة والانقياد وأبشعها فقدان السيطرة على العقل والقلب، إنّها معركة لم يستعمل فيها عدوُّنا سلاحًا، وإنّما غزا أرواحنا ومنهجنا وثقافتنا، فجعل شبابنا يدورون في فَلَكِه دونما وعي وإدراك، ونحن لا ننكر أنّ أولئك الشباب استيقظوا من طفولتهم على واقعٍ مادّيٍّ رهيب، فهم محاطون بالهاتف الشخصيّ، والحاسوب، والسيّارة، والأجهزة الإلكترونيّة المتنوّعة في كلّ مكان، والتكنولوجيا بكلّ فروعها، فوجدوا أنّها من صناعة الغرب، ثمّ التفتوا إلى الواقع وما تبثُّه الماكنة الإعلاميّة الضخمة الهائلة للأعداء، فوجد أنّهم قد ملكوا البرّ والبحر والجو، فانبهروا بدعايته، وإعلامه، ومنتجاته، وتصميماته، وعمدوا إلى التقليد، واتّباع الموضة، وكأنّ شبابنا بذلك قد ارتضوا لذواتهم تأجير عقولهم، أو لنقل بأنهم قد سمحوا للآخرين باختطاف أو سلب ثقافته وهويّته وانتمائه، فصار كلُّ همِّ ذلك الشابِّ المسكين المخدوع، هو اللهاث المحموم خلف المغريات، ومظاهر الفكر المادّيّ البرّاقة، التي تسيطر على المجتمعات الغربيّة، وفي الوقت نفسه، يغفل أو يتغافلُ ذلك الشابّ عن كثير مما يمكن أن نستفيده منهم، وبالتالي كان تقليد الموضة واتّباعها والسير خلفها وخلف مستحدثاتها غطاءً لحالة الفتور والعجز التي يعيشون فيها، ومن وراء ذلك كُلِّه غياب القدوة الحسنة، وعجز نُخَبِهِم وقياداتهم ودولهم.
دور التنشئة الاجتماعيّة والتربية الأسريّة:
ولا بدّ أن نقرَّ أنّ التربية والتنشئة الاجتماعيّة تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز تلك الثقافة وتنميّتها، أو الحدّ منها وتراجعها، للأسف! لقد أصبحت الأُسَرُ تتسابقُ أو تتنافسُ من أجل اقتناء كلّ جديد ومستحدثٌ في السوق، ولا يقتصر ذلك على الثياب والألبسة فقط، بل يمتدُّ ليشمل أنواع الفرش والأواني، وألوان الزينة والديكورات المنزليّة المتنوّعة، هنا لا ننكرُ أنّ بعض أشكال الموضة والمُسْتَحْدَثَاتِ العصريّة لا بأس بها، على ألّا نبالغ فيها، وأن نحافظ على هويّتنا وتراثنا وثقافتنا وأنماطنا الأصيلة التي نعتزّ بها، ولكن للأسف إنّ ما يحدث في نهاية الأمر أن أبناءنا ـ وخصوصًا الشباب منهم ـ يكتسب تلك الأنماط السلوكيّة بكلّ ما فيها، أي بإيجابيّاتها وسلبيّاتها، ولعلّ أخطر ما في الأمر هو ما يمكن أن نُسمِّيه «البرمجة العقليّة» ـ إن جاز التعبيرـ التي ستتحكّم بهم؛ إذ إنّهم سوف يصبحون أسرى للموضة بقصدٍ أو بغير قصد، حيث سنجدهم فيما بعد يتنافسون مع أقرانهم في لفت الأنظار، والحصول على الإطراء والإعجاب، من خلال شراء منتجات تحمل رموزًا للدُوْر، والشركات، والمصانع الغربيّة، ولم يقف الأمر عند ذلك الحدّ، فقام المنتجون الغربيّون أو مَن يُسوِّق لهم بضاعتهم، باختراق ثقافتنا وفلسفتنا وأنماطنا المعيشيّة والفكريّة، فانتقل داء الموضة حتى إلى حجاب الشابّة المسلمة، حيث بتنا نرى كثيرًا من المعارض والمحلات التجاريّة مكتظّة بنماذج من الثياب والألبسة للمحجّبات، إلّا أنّه لا تتوافر فيها ـ في أغلب الأحيان ـ شروط الزيّ الإسلاميّ، فقد أصبحت الغاية من الثياب التفاخر والتباهي وإظهار الزينة، ولم تعد غايته السترُ والعفاف والحشمة المطلوبة في زيّ المرأة المسلمة، ولم يقف الأمر عند هذا الحدِّ؛ بل امتدَّ إلى زيّ الأطفال وملابسهم، فأصبحنا في كثير من الأحيان نضطر لشراء لباسٍ مترهّلٍ فاضحٍ للفتيان والفتيات الصغيرات في مقتبل العمر بما لا يناسب سِنِّهم ومرحلتهم العمريّة، أجل! وكأنَّ الأمر هنا إعدادٌ نفسيّ وذِهنيٌّ لأولئك الأبناء ليقتفوا أثر الأزياء العصريّة، منذ السنوات الأولى لطفولتهم، فتتحوّل الموضة إلى عادةٍ وسلوك، وتستمر دورة التقليد والتبعيّة إلى الأجيال اللاحقة، حتى تصبح وراثة، يأخذها اللاحق عن السابق.
وبالتالي فنحن أمام قَبول غير معلن ـ من قبل الأسرة على وجه الخصوص والمجتمع عامّةـ، بالخضوع مستقبلًا لما ستنتجه الموضة في بلادهم. وإذا سقطت الأسرة في وحْلِ الموضة ومنتجاتها، فحصوننا الأسريّة التي كنّا نُفَاخِرُ بها الدنيا كُلَّهَا مهدّدةٌ من الداخل.
الموضة والغاية من خلق الإنسان:
إنّ اتباع الموضة يخلق مجتمعًا عابثًا لاهيًا، سيِّئ المزاج والهوى، قد أخذت مِنه الدَّعة كُل مأخذ، حتى صار مجتمعًا مُسْتَهلِكًا لما يُنتجُه الآخرون، تُستنزف أمواله ومقدَّراته، وتُحطمُ معنوياتُه، بسبب الخواء الروحيّ الذي يترافق ويستتبع تلك الحالة المُزرية؛ لأنّ الزينة والموضة يصبحان الهمّ الوحيد والأساسيّ في حياة ذلك الشاب، فيستغرق فيهما، وينسى بذلك الغاية الأولى التي خلق الإنسان من أجلها، وهي العبادة والاستخلاف في الأرض، ومما يدعو للعجب والاستغراب أن أمَّتنا التي كان رسولها يدعو ربّه بقوله: «اللهم إنَّا نعوذ بك من العجز والكسل»ـ بل لقد جعل نبينا الكريم ذلك الدعاء وِردًا يوميًّا، يردّده صباح مساءـ قد التصق بها العجز والكسل والبلادة، واتباع الهوى، والمقصود بالعجز فقدان القدرة، أمّا الكسل؛ فهو فقدان الإرادة، أي أنَّ تلك المقولة تعالج النفس من زاويتين، إحداهما مادّيّة جسديّة، والأخرى معنويّة، تتعلّق بالإرادة والعزيمة، وفقدانهما يعني أنّ المرء قد سيطر عليه داءان يفتكان بِمَن يستمكنان منه، سواء أكان فردًا أم مجتمعًا، وعلى الرغم من ذلك التوجيه النبويّ الصريح الجليل، إلا أنّنا نجد كثيرًا من شبابنا يُرجِئُ التعديل أو تصحيح المسار الخطأ إلى أجلٍ غير مُسَمّى، وهذا أسوأُ ما في الأمر، حتى إذا داهمه الزمن، أو فاته قطارُ العمرِ، وجد ذلك الشاب نفسه أمام ركام كبير من التقصير، وسوء التدبير، فيَحَارُ ولا يعرف مِن أين يبدأ!!
إن الحقيقة الساطعة التي ينبغي على شبابنا الأعزاء في الوطن العربيّ أن يدركوها أنّ اللهاث خلف الموضة ما هو إلى جمال زائفٌ، له نتائج وخيمة على العقل والإدراك، لأنه يمثّل ـ بحدِّ ذاتهـ نوعًا من الشطط الذي يعود إلى انقطاع الصلة بالسماء، وهو بلا شكّ يشير إلى أنّ هناك نقصًا بيِّنًا في أمرين مهمَّين: أوّلهما الوعيُ، والثاني الشعور بالمسؤوليّة.
والإسلام لا يريد من الشابّ أن يكون زاهدًا أو ناسكًا وحسب؛ بل يريده أن يجمع بين الدنيا والآخرة معًا، ويرفضُ أن يتفرَّغ المرءُ لإحداهما على حساب الأخرى، قيل لأحد الصالحين: مِن أين أقبلتَ رحمك الله؟ قال: مِن عِند قومٍ «تتجافى جنوبُهُم عن المضاجع يدعون ربَّهم خوفًا وطمعًا»[1]، فقيل له: وإلى أين تُريد؟ قال: أريدُ قومًا «لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله»[2]. حقًّا هذه طبيعةُ الإسلام يحثُّنا على السّعي الدؤوب لامتلاك الدنيا وإعمارها، مع ارتباط قلوب الساعين بربّهم، وارتقاب يومٍ لا ريب فيه، وقد لخَّص الحقُّ سبحانه ذلك المعنى بقوله: (رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(سورة السجدة، الآية 16)؛ فاتّباع الشباب للموضة صورة جليَّةٌ للغرق في وحل المادّيّات، وانشغالٌ عمّا يجب ألّا ننساه، ولنتذكر قول رسولنا الكريم في الدعاء المشهور: «اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همِّنا، ولا مبلغ عِلمنا»[3]، فالشباب المؤمن يحمل رسالة سامية، ويعي الرسالة والهدف الذي خُلِق من أجله، فيضرب في جنبات الأرض، ويكدح ذات اليمين، وذات الشمال، ويعلم أنّ وراءه غدٌ ينتظره، فيسعى نحو الأفضل دومًا، فتصبح حركته في الأرض ليست مفصولة عن إيمانه بالغيبيّات.
والتعلّق بالموضة، فضلًا عن كونه مرضًا نفسيًّا وروحيًّا عُضالًا، يكشف عن حجاب الغفلة والنسيان وربما عدم النضج الكافي الذي يسيطر على بعض شبابنا في العالم العربيّ، قال تعالى: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ(سورة الحشر، الأىية18)، ما أعظم هذه الآية الكريمة!، وكم لها من وقعٍ وتأثيرٍ على النفس والعقل!!
جنون الموضة بين ثقافة الأزمة وغياب سلطة العقل:
لا شكّ أنّ أزمة الثقافة هي أزمة المجتمع بكامله، فبعد أن تضيق به السبل نحو الإبداع والخلق والاستنارة يجد نفسه واقعًا لا محالة في أتون التقليد والتبعيّة شبه المطلقة، الأمر الذي يقود في نهاية المطاف إلى ضياع الهويّة الثقافيّة، والاجتماعيّة.
بناء على ما سبق فإنّ شبابنا يعيش حالةً من فقدان التوازن، الناتجة عن مجموعة من العوامل التي تضافرت فيما بينها، وصنعت ذلك الجمود المُزْرِي، ولو وسَّعنا دائرة اتّباع الموضة والتقليد، لوجدنا أنّها لا تقتصر على ما ذكرناه وحسب؛ بل تمتدّ وتترك بصمتها أيضًا على معظم ما يتمّ تداوله وترويجه يوميًّا في حياتنا، فلو نظرنا للحقل الأدبيّ مثلًا، فسنجد انتشارًا للأدب الرخيص الذي يخاطب الغرائز والعواطف والنزوات العابرة، ولو التفتنا للإعلام، فإنّنا حتمًا سوف نقف أمام كثير من الأفكار التي ستلوّث سمعه، فرأس المال له بريقه، وصوتُ القويّ مسموع دومًا، أمّا في الاقتصاد، فحدّث ولا حرج عن الاستهلاك لسلع الغير ومنتجاته، بسبب تفوق السلع الأجنبيّة، ومتانتها، وجودتها، فكيف لها أن تحلّ محلّ منتجاتنا؟! ولا يخفى على أحدٍ أن اتّباع الموضة يشير إلى وجود أزمة ثقافيّة عامّة تتجلى في كثير من أعداد المجلات والكتيِّبات الهابطة التي تُطبعُ دونما حسيب أو رقيب، وتملأ أرفف المكتبات، وأرصفة الشوارع، والأماكن العامة، وتلك المنشورات تعكس تدنِّي الحالة الثقافيّة والفكريّة لمن يتداولها ويروِّج لها، وهي تدّعي أنّها تهتمّ بالثقافة والفنّ، وتُعنى بشؤون «الفنّانين»، وهي في حقيقتها مجلّات تجارّية، لا رسالة لها، تحاول أن تغزو عقول الشباب، وأن تجد لها محلًّا في وعيهم.
إنّ الشباب هم ضحايا لفوضى الموضة المدمِّرة التي نخرت عظامنا في كافة الميادين، إنّ الموضة تنتشر كالبكتيريا الضارّة.
حقًّا هناك كثير من المشاعر المختلطة لدى شبابنا، وهي تبدأ من عدم الرضى والنقمة على الواقع بكل معطياته وتفاصيله، ثم تمتدّ لتصل إلى الانسلاخ عن ذلك الواقع المزري، ولكنّها في كلّ الأحوال تعكس غيابًا أو تغييبًا لسلطة العقل الذي يُقرّب المرء من عالم الفضيلة والقيم النبيلة، ويقوده نحو الحكمة والتدبّر والأخلاق، ورد عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن لا عقل له لا دين له»([4])، وفي حديث آخر: «إِنَّمَا يُدْرَكُ الْخَيْرُ كُلُّهُ بِالْعَقْلِ، ولَا دِينَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ»([5])؛ ولذا لا بدّ أن ينتصر العقل على النزعة الذاتيّة ـ التي تعتبر الموضة إحدى مُخرجاتها، فذلك أَدْعَى لتحقيق الاستقرار وشيوع الفضيلة في مجتمعاتنا.
الاندفاع نحو الموضة هو جزء من ثقافة الأزمة التي تحياها مجتمعاتنا:
لقد ألقت أزمة الثقافة بظلالها على فئة الشباب في المجتمعات العربيّة والإسلاميّة، وذلك حين تغلغلت في نفوسهم، وأثَّرت على عقولهم وسلوكيّاتهم، ومشاعرهم، حتى تحوّل الأمر إلى حالةٍ من الاختلاط الذهنيّ، الذي يدفعه نحو الاختيار بين الاستهلاك ذي الطبيعة المادّيّة البحتة والسطحيّة، وبين ما ينطوي عليه كيانُهُ الاجتماعيّ من قيمٍ ومشاعرَ وفكرٍ ومواقف، فيحيا الشاب وينمو ويتطوّر في ظلّ انعدام التوازن، فهو أمام أزمات طاحنة مُزْمِنَة تعصف بكيان المجتمع، وتهدّد استقراره، ووجوده، منها أزمة الديمقراطيّة، التي تنعكس على اتساع الفجوة بين الحاكم والمحكوم، وأزمة التردِّي الاقتصاديّ والبطالة، التي تدلّل على استشراء الفساد في جسم الدولة وهياكلها، كما تشير إلى سوء استغلال الموارد، وهذا بدوره خلق أزمة اجتماعيّة، فوجود الظلم الاجتماعيّ، وغياب العدالة في التوزيع، يقودان المجتمع نحو التفكّك والانهيار، وربما يقود للفوضى والانفجار في وقتٍ لاحق.
إن الحلّ يحتاج لمراحل من المعالجة وطول النّفس والتخطيط المدروس، فالمسألة بحاجة لـ «كيّ الوعي والضمير»، فشبابنا أمانة في أعناقنا، ويتحمّل مسؤولية التغيير الأسرة أوّلًا، نواة المجتمع الأولى، والمثقفون والنُّخب ورجال الدين، والمناهج الدراسيّة، وعموم الخطاب الفكريّ والثقافيّ، وبدلًا من نشر الارتماء في أحضان الغرب وما ينتجه لنا، علينا أن نخلق بيئة صحّيّة تعزّزُ ثقافة الانتماء لديننا وتراثنا وهويّتنا القوميّة والوطنيّة التي تقود بدورها نحو تماسك المجتمع وترابطه، وفي الوقت نفسه تنفتح إنسانيًّا على كلّ المجتمعات والثقافات الأخرى، ولكن دون أن تذوب أو تنصهر فيها.
-----------------------------------
[1]- السجدة: 16
[2]- النور: 37، يُنظر: التعرُّف لمذهب أهل التَّصوُّف، لأبي بكر محمد بن إسحق الكلاباذي، تحقيق: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1992، ص20، 21
[3]ـ رواه الترمذيّ، برقم: 3502
[4]ـ يُنظر: وسائل الوصول إلى شمائل الرسول، يوسف بن إسماعيل النبهاني، خرّج أحاديثه: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية بيروت، 1990، الباب السابع، ص167
[5]ـ بحار الأنوار، للعلامة محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1414ه، (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار)، 74/160.