المحتويات
بوصلة
وهن الذرائع ........... زينب عقيل
بقعة ضوء
كيف يغير الدين حياتي؟ ............ سامر توفيق عجمي
ملف العدد
المراهقة أكثر استقراراً وراحة ............. د. نسرين نصر
المراهقة مسؤولية لا أزمة ............. د. طلال عتريسي
القدوة : احتار ولا تختار! .............. د. حسان قبيسي
كيف نجيب عن أسئلة المراهقين .............. حسن ركين
الأسرة والمدرسة في مواجهة الرياح العاتية .............. ممدوح عز الدين
وداعاً أيتها الطفولة .............. حنان مرجي
ضيف وتجربة
مقابلة مع البروفسور رشيد بن عيسى .............. زينب عقيل
تربية
المراهقون : من الهوامش نحو الجماعات المنظمة ............. فرح الحاج دياب
من سيساعدني على فهم أسراري .............. محمد باقر كجك
تنمية
الإبداع في سن المراهقة، علماء صغار ............. زينة شيت
أدب وفن
لن تخبزي التنور بعد اليوم يا أمي .............. نورما رشيد حمود
المسرح في خدمة الهوية الثقافية ............... مريم ميرزاده
فيلم لوسي : الإلحاد العلمي والداروينية ................. حيدر محمد الكعبي
رفعة الإنسان ................. علي بن عبد الله آل داوود صفوي
مصطلح و معنى
التعددية الثقافية ................... هادي قبيسي
تكنولوجيا
التكنولوجيا ومعركة الخيارات .................. حسين عمار
انترنت
كيف تحمي نفسك على الإنترنت .................. علي الرضا سبيتي
قراءة في كتاب
المراهقون يتعلمون ما يعايشونه ................. زهراء ديراني
اسهامات حضارية
البيروني أبو الصيدلية العربية .................. خضر فرحات
بوصلة
وهن الذرائع
قبيل منتصف القرن الماضي، وقف الدكتور طه حسين عند ظاهرة تخلف الأقلام عن تأدية رسالتها الأدبية والاجتماعية، فقال : «إن الرقابة الدائمة على أقلام الأدباء والكتّاب هي مصدر الركود الأدبي في مصر، لأن الأدب، لا يستطيع أن يحيا إلا إذا تنفّس بحرية، ولا يستطيع أن يتنفّس بحرية، إلا إذا اختفى من أفقه شبح الرقيب».
وفي سياق أدبي متصل، في العام 1953، عندما كانت الاصدارات العراقية تكاد تخلو من مجلات أدبية وفكرية محضة، جرى نقاش واختلاف في وجهات النظر، بين مجموعة من الأدباء، مثل: محمد طرزي، ومحمد جواد رضا، ومجيد حميد النجار، حول ما إذا كان على الأدب أن يكون نابعا من قضايا المجتمع أم من الحريّة النفسية الذاتية للكاتب، كشرط لازم من الشروط.
واليوم، وبعد الثورة الرقمية التي أطاحت بعروش الرقابة، والتي حملها الكاتب الكبير المسؤولية، وبعدما توفرت للجميع منابر غير مقيّدة بقضيّة اجتماعية هنا أو فرديّة ذاتيّة هناك، وأصبحت المدونات مفتوحة على الترف الفكري في كلّ شيء، وقد تحوّل الناس من جماهير «مفتتنة وسلبيّة» -كما كان يُعبّر عنها في الإعلام التقليدي- إلى أخرى فاعلة، أكثر نشاطا وقدرةً على صناعة المضامين بمختلف أنواعها، إذا ماذا يكون سبب هذا الركود الفكري والتصحّر الإبداعي لدى الأقلام الشابة اليوم؟
فوفقًا لآخر تقرير في هذا المجال صدر عن مؤسسة الفكر العربي، فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنوياً في العالم العربي، لا يتجاوز خمسة آلاف عنوان. وقد تم تسجيل صدور كتاب واحد لكل 12ألف مواطن عربي، بينما يصدر كتاب لكل 500 مواطن إنجليزي، وكتاب لكل 900 مواطن ألماني.
لقد كانت الكتابة شرفًا يناله الفرد في مجتمعنا العربي، فهل ما زالت كذلك اليوم؟
وهل ما زال الإبداع في ابتكار أساليب لنشر الوعي من أولويات هذا الجيل؟ أم أن ثمة قطيعة إدراكية ومعرفية في تحديد الأولويات بين الجيل القديم والجيل الجديد؟
هل ما زال كاتب اليوم هو قائد الغد؟
وهل ما زال ثمة كتاب متطفلون وكتاب أصيلون؟ أم أن الفاعلين في فضاء الإنترنت هم ليسوا كتابا أصلًا بل مجرد مدونين؟
فمواقع التواصل الاجتماعي من تويتر وفيسبوك لا تملك الكثير لتفعله حيال تطوير الحس الإبداعي. ذلك أن التغريد المستمر وعروضات النشر المتواصلة هي أفعال جماعية مشتركة، تأخذ بالفرد بعيدا عن خياله الفردي المبتكر. وأي خيال لديه سيكون أسيرا للتغذية الراجعة من الإعجابات والتعليقات التي سيحصل عليها مباشرة. وللحفاظ على المعجبين سيحسب ألف حساب للمضامين، الأمر الذي سيمنعه من الإبداع. بل إن مجموعة دراسات حديثة تحدثت عن أن التكنولوجيا القسرية ستكون سببا في خفوت الخيال لدى الكتاب مستقبلًا.
إلى ذلك، لم نعد نسمع في أدبيات الجيل الجديد عن «الدهشة» التي تعتري القارئ المعاصر، حين يمسك نصًا لكاتبٍ حديث، أو يتابع عملا دراميًا، أو غيرها من ميادين الإبداع.
هل ما زال المقال والشعر والقصة القصيرة والمسرح من أشكال التوعية الاجتماعية؟ أم أنّ الصورة «الإنفوغرافية» أصبحت تختصر عدد الكلمات التي لم يعد إنسان اليوم قادرًا على الصمود في سبيل قراءتها كاملة؟
وعودا على بدء، وتأسيسًا على انفتاح الواقع اليوم، إذا لم تكن «الرقابة» أو «الحيرة بين الذاتية وبين القضايا الاجتماعية» -كما حلّل الفاعلون في القرن الماضي- هي أسباب الركود الفكري والتصحر، فهل سيثبت الواقع في المستقبل بطلان إرهاصات «الحتمية التقنية» لتبرير العزوف عن إبداع الكتابة اليوم؟
يحكى أن الكاتب البريطاني «آندي ميلر» قبيل كتابته لمنجزه الأهم عام 2014، تحت عنوان «سنة القراءة الخطرة» مع عنوانٍ فرعي «كيف استطاع خمسون كتابًا عظيما إنقاذ حياتي»، أنه كان قد أمضى السنوات الثلاثةِ السابقة على «سنة القراءة الخطرة»، بعيدا عن الكتب. وكان يدعي بأنه قرأ كتبا معينة، أقلع عنها تكاسلاً، أو هرباً من صعوبتها. وكان من الممكن الادعاء بأنّه قرأها بسبب وجود تلخيصات لها.
ثم قرر أن يستعيد علاقته بالكتب، وعكف على اختيارِ قائمةٍ تحتوي على خمسين كتابا من الكتب التي يشعر بالخجل لأنه لم يقرأها، وقاوم أي رغبة في إضافة غيرها طلباً للتركيز، ثم وفر الكتب، وأشهد زوجته عليها، ليؤكد عزمَه على الإنجاز.
فهل هي التقنية من تفسد تراثا متراكمًا في الكتابةِ والأدب، أبدع فيه العقل البشري على مدى قرون؟ أم أنها سمة «قلة الخواص» و»ضعف الهمة» التي تتفاقم بين البشر اليوم؟
سكرتير التحرير
زينب عقيل