-----------

كيف تصبح شخصية مبادِرة في سبع خطوات؟

{ خضر فرحات }

كيف تصبح شخصية مبادِرة في سبع خطوات؟

يقول الدكتور إبراهيم الفقي[1]: «النجاح يكون من نصيب أشخاص تحلّوا بالشجاعة، والهروب هو السبب الوحيد للفشل» ويؤكّد ليو روستن[2]: «الشجاعة هي القدرة على مواجهة كل ما يمكن تخيّله».

كيف اخترع الإنسان الطائرة؟ الواقع أن الدافع كان خيالًا فرديًّا دفع صاحبَه لمحاولة الطيران. امتلك الشجاعة ووثب الوثبة الأولى، فتبِعَتها وَثباتٌ أوصلت البشرية إلى ما وصلت إليه. لقد اخترق البشر الفضاء! فهل هناك شيء يمكن أن تتخيلَه ولا تستطيع فعلَه؟

 كلمةٌ واحدةٌ إليك فتلقّفها: «افعل كلّ ما تظنّ بأنّك لستَ قادرًا على فعلِه. حتى لو فشِلَت التجربة الألف، قم بالتجرُبة الأولى بعد الألف». وكلّ دقيقة هي فرصة للتغيير.

إذا هبت أمرًا فقع فيه

لقد حان الوقت لتمتلك زمام حياتِك وتوجّه سفينتَك إلى الوجهة التي تريدُها. الواقع أننا عند تكالُب الضغوط وعصف الظروف، من البديهيّ أن نلجأ إلى أوّل مرفأ يمنحُنا النجاة من الغرق. لكن ثمّة من يبقى غارقًا طوال حياته في سلسلةٍ متّصلةٍ من المواقف والأحداث التي تضطّره إلى التعامل معها، فقط بسبب افتقاده الجرأة بأن يقول «لا». وفي هذا السياق، تأمّل قولَ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام حين قال في نهج البلاغة: «إذا هبت أمرًا فقع فيه، فإن شدة توقّيه أشدّ من الوقوع فيه».

عدّد ما خسرت

وإن سألت نفسَك، ما الذي سأحققه من كوني شجاعًا مبادرًا مقدامًا؟ فعندها ارجع إلى نفسك وخاطبها: ماذا خسرتُ لعدم كوني شجاعًا ومقدامًا؟ ثم عدّد خساراتِك حين تخلّيت عن فرصة عمرِك في دراسة الاختصاص الذي تحبه مثلًا، فقدّمت رغبة أهلك أمام رغبتك! وحين خسرت نفسك عندما استعبدتها في وظيفةٍ لا ترتقي إلى مستوى إمكاناتك ومواهبك! وحين وحين حتى تكثر الأحايين التي أورثتنا الندم...

ثم عدّد ما كنت ستكسبه لو كنت شجاعًا، وستُبادر وتتّخذ أكثر القرارات شجاعةً في حياتك.

ولكي تعين نفسك على ذلك خاطبها وقل: «هل هذا هو الشخص الذي أردت أن أكونه؟»، ثم انظر حولك وقل: «هل هذه هي الحياة التي أردتُها؟»، إذا كان جوابك نعم، فلا تكمل القراءة فنحن لا نخاطبك. وإن كان جوابك «لا»، فسر معي قليلًا.

كيف تصبح شخصيةً مبادرةً في سبع خطوات:

كُن واعياً وبصيراً بمقدار ما تعرِفه وتتابعُه في أي مجالٍ من مجالات الحياة، ستكتشف الفرص فيه، وتتضح لك الإمكانيّات ضمنه، وذلك أول شرطٍ من شروط المبادرة. فالجاهل بالأوضاع الاقتصادية مثلًا، ومن لا يتابع حركتها وتطوراتها، لن يبدع أفكارًا حول الاستثمار، ولن يدرك مواقع الاستفادة والربح، وحتى لو امتلك المال والثروة، لكنه لا يلتفت إلى أفضل سبل تنميتها وتفعيلها.

طريق الشجاعة يبدأ باتخاذ القرارات: من اليوم ابدأ باتخاذ القرارات في كل شيء.

ابدأ باتخاذ القرارات لا تتردد وتهتز. نعم، ستصيب وتخطئ. ستنجح وتفشل. إلا أنك ستبدأ في اكتشاف أخطائك لتتجنبها في قراراتِك اللاحقة، وستعرفُ السبيلَ إلى القرارات الصحيحة الناجحة. ويجب أن تدرك أن الوضعَ المستقرّ والآمن سيُغريك بعدم تغيير أي شيءٍ في حياتك، فتبقى في الوظيفة نفسِها لمدة ثلاثين سنة. فالتفت إلى أن تجربة الأمور الجديدة هو ما يجعلك تحصل على نتائج جديدة. قد تفشل في بداية الأمر، لكن اعلم أن حالات الفشل والإخفاق هي مقدماتٌ للنجاح المؤكد. فالمخاطرة الحقيقية في هذه الحياة هي الحياة بلا مخاطرة.

قوِّ إرادتك: لن تستطيع تنفيذ أي شيءٍ دون إرادة. ستوسوس لك نفسك وتثبط عزيمتك.. ارجع... قد لا تنجح... على ماذا تقدم يا مجنون!.. سيستغرق هذا العمل وقتًا طويلًا.. ما تفكر فيه مستحيل.. الوضع جيدٌ وليس بحاجة إلى تغيير... وسيتعاون المحيطون بك مع نفسك عليك ويقولون: من أنت لتفعل كذا؟ غيرك لم ينجح، أستنجح أنت! لذلك يجب أن تتحلى بالثقة لتقوى إرادتك. كيف؟

عليك بالتدرّب لكسب الثقة بنفسك. حدّث نفسَك بإيجابية كلما نجحتَ في أمرٍ خالفك فيه الجميع: «كم أنا مصيب». أو: «نعم أخفقت لكني استفدتُ من هذا الإخفاق لتحسين خطوتي الآتية نحو النجاح». وهل الثقة إلا تدريبٌ على ممارسة الحياة بتفاؤلٍ وإيجابية؟ لذلك، ثق بإمكانياتك وقدراتك وطريقة تفكيرك تكن أكثر المحظوظين في الحياة.

كن مبادرًا: بادر إلى العمل وفق خطةٍ وهدفٍ لتكون زمام أمورك بيديك، ولا تدع الفرصة تدفعُك إلى العمل وفقًا لأهداف الآخرين واستراتيجيّاتهم. اقهر الظروف ما استطعت إلى ذلك سبيلًا. فليس قطعيًّا أن من وصل وارتفع هو أذكى منك أو أقدر. لكنّه سعى وعمِل وواظب، حين تثاقل آخرون وركنوا إلى الأرض.

تغلب على مخاوفك: قد تمر بتجارب سابقةٍ فاشلةٍ في الحياة ولا تريد الفشل من جديد. ثمّة مسارين اثنين بحبكتين مختلفتين:

الأول أن تنتظر مع المنتظرين. فتدع الآخرين يمرون من أمامك رافعين شارة النصر. وتتمتع بالنظر إليهم. ثم تستمر في إبداء الحجج والأعذار حتى يدرككَ الموت.

والثاني أن تكون شجاعًا فتقفَ في الصفوف الأماميّة وتتغلّب على ترسّبات الماضي. فتنزع من نفسك المخاوف المتضخّمة التي تسجن أحلامك فيها. فالوهم قاسٍ وأنيابه حادة، وليس عيبًا أن تستعين باستشارةٍ أو طبيبٍ نفسي. كلنا لديه صراعاتٌ نفسيةٌ وإن كانت حدّتُها متفاوتةً بين شخص وآخر. والأهم، أن تتخلّص من أسر الماضي، وتقاوم التفكير فيه، بنزع صُوَرِه من ذهنك بالمجاهدة والإرادة. وإلى الأمام.

التزم بالخطة الموضوعة: والتزم بالوقت المحدّد لكلّ عمل. ولتكن أهدافُك واضحةً ومحدّدةً لا فضفاضةً وعشوائيّة. لا يغلبنّك الاضطراب، وحافظ على هدوئك وتفكيرِك العميق. استثمر الإمكانيّات المتاحة بأقصى طاقة.

اسعَ لنيل الدعم: لم يفت الأوان بعد لتصبح الشخص الذي أردتَه طوال حياتِك. طالب بالحياة التي تريدُها وترغبُها وتستحقّها. طالب بحقك في الحياة. بحقك في أن تنقل أحلامك من عالم الخيال إلى عالم الواقع والعمل. طالب نفسك بالالتزام بما تريد تحقيقه. اسعَ إلى نيل الدعم ممن حولك واستعن بهم. أصدقاؤك، زوجتك، أولادك. أو على الأقل امنعهم من أن يكونوا عثرةً في طريقك. والأهمّ: امتلك قلبًا أشدّ من الشدائد التي ستواجهها.

--------------------------

[1]-  ابراهيم الفقي: خبير التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية، وواضع نظرية ديناميكية التكيُّف العصبي ونظرية قوة الطاقة البشرية.

[2]-  ليو روستن: مؤلّف وصحافي أمريكي.