هل فكرت يوماً برمزية الدجاجة التي تملأ الأرجاء نقنقة حالما تبيض؟ أجل لقد باضت، ولم تنتظر أن يكتشف المزارع إنجازها مصادفة، بل أعلنت عن ذلك بنفسها.
هل انتظرت يوماً أن يكتشف أحد إنجازك مصادفة؟
يبدو أنه في عالم مليء بالضجيج، فإن أحداً لن يتعرف إليك، وأنت تفتقر للوسائل التي تروج من خلالها لمهاراتك وقدراتك وإنجازاتك. ولربّما أنت تخاف من فكرة عدم استحسان الآخرين أو من الفشل، أو أنك تقي نفسك من الغرور.
الواقع أنه في طريقك إلى النجاح والتميز، يوجد وابل من سهام النقد الهدام تنطلق نحوك، وأمطار من النقد البناء قطعاً ستهطل عليك. وسيشتدّان كلما اقتربت من عمق الطريق أو الهدف. وليس ثمة ما يمنع ذلك. لكنّك استدراكاً، تستطيع أن تعزز درعاً يقيك من هذه السهام، وأن تهندس مستوعَباً يستثمر لك تجميع المطر. وبعد أن تضع في خلفيتك الذهنية هاتين الاستراتيجيتين كقاعدتين أساسيتين، ستتمكن من تنفيذ خطة ترويج واقعية ومُثمرة.
بعد تثبيت هاتين القاعدتين، من المفيد أن لا نقع في فخ أفكار خاطئة شائعة جداً، جرت ملاحظتها، قد تفسد عليك أي خطة ترويج :
الفكرة الأمثل هي المدخل للترويج الذاتي
لكن الواقع أن الفكرة هي مجرد بداية. يجري تنضيجها من خلال طرحها والتحدث عنها مع الآخرين، وبالتالي ستروج لإمكانية أن يكون لديك فكرة رائعة. لكن تأكد أن من ستعرض الفكرة أمامهم، هم من سيحملون لك مشعلًا خفيفاً ليضيئوا به الطريق أمامك كي تمضي قدماً.
لا يهمني رأي أحد
من المبادئ السارية والمتفق عليها في مجتمعاتنا، مبدأ «لا يهمّني رأي أحد، ما دام رب العالمين يسمع ويرى»!
لكن هناك مبدأ آخر يقول: «خير الأمور أوسطها». ويترتب عليه، الموازنة بين مبدأ «لا يهمُّني» من جهة، وممارسة الترويج الذاتيّ من جهة أخرى. إذ ينبغي إشهار الحد الأدنى ممّا يراه الله ويعرفه عن قدراتك وميزاتك. فقد يضيع وقت هؤلاء وهم يبحثون عن مهارات تمتلكها. فتضيع فرص الإفادة والاستفادة، لعدم امتلاكك ثقافة الترويج الذاتيّ الصحيح.
لماذا أعذب نفسي وأنا أعرف حظي
ما هي الأمور التي جعلتك تصل إلى هذه النتيجة؟ هل يحصل ذلك عندما: «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»؟، ربّما يكون سير الأمور عكس ما ترغب، هو عين الحظّ؟! لاعتبار أن الحظ الجيد والآخر السيء هما وجهتا نظر. تعتمدان على الزاوية التي تنظر منها إلى الواقع والحدث. والواقع أن الحالة واحدة، ويمكن أن تستثمر منها الكثير.
بعد مُعالجة الأفكار الخاطئة، يأتي دور ممارسة ثلاث استراتيجيّات عمليَّة للترويج:
عرض القُدرات الكامنة: فالحديث عن شغفك وقدراتك وما تحلم بالقيام به، حتى لو كان خياليّاً بعيدًا عن الواقع، يُشعل شرارةً عند الكثير ممّن يبحثون عن هذا النوع من التوجّه.
عرض المهارات الحاليّة: من خلال استثمار كلّ الفُرص المُتاحة، والسعي لإيجاد فرص للإضاءة على المهارات والقدرات التي تُوظّفها حالياً في مجال عملك واختصاصك. واليوم، لم يعد كماليّاً أو ترفيهيّاً أن تمتلك منصّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، فـ «غير الموجود على الإنترنت ليس موجوداً في الواقع».
هذه المنصات هي بمثابة وسيلتك الإعلامية الخاصّة، تبني فيها شخصيتك الافتراضية، وتحدد ملامح صورتك المتخصصة، من خلال الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بأنشطتك العمليّة، وأماكن وجودك، والأشخاص الذين تلتقيهم، كإعلان عن نوعية معارفك.
عرض المُنتج الشخصيّ: لكي تكون مُنسجماً مع طبيعة هذا العصر العمليّة والمتسارعة الأحداث، ولتتمكّن من الترويج لمنتجاتك سواء كانت مكتوبة أو مرئيّة أو مسموعة، أو خدماتيّة تعليميّة أو تدريبيّة حتى منتجات تجاريّة، عليك أن تحتفظ بها في أرشيف يسمح لك بالوصول إليها ساعة تشاء.
وبعد إثراء الأرشيف الذاتي، فكر بالطريق الأفضل للترويج: هل تضعه دفعة واحدة أمام كل من تراه مناسباً؟ أم تختار منه ما يناسب الظرف الراهن في كل مرة؟
الواقع أن العرض الكامل دفعة واحدة، غير مقبول إلا في المواضيع الرسمية. كتقديم السيرة الذاتية للحصول على وظيفة أو منصب معين. وفي غير هذا الموضع، قد تقع في نقطة ضعف قاتلة، هي «الغرور الظاهري».
ولتفادي هذا السلوك المدمر لخطتك الترويجيّة، تذكر أن تُعرض المنتجات المناسبة أمام الأشخاص المناسبين.
وأخيراً ...
إذا تعاملت بهذه التقنيات بشكل انْسيابي، فسيصبح الترويج الذاتيّ بالمقدار المطلوب جزءاً من حياتك اليومية، وسيشكل لك وقاية من الوقوع في إشكاليات العجب والتكبّر والغرور. وهي سلوكيات غالباً ما تُشكل عنصر انصراف عن الترويج الذاتي لفئة المثقفين المتواضعين...
------------------
محمد حسن : اعلامي وعضو مؤسس في المبادرة الشبابية لتنمية المهارات