بطاقة الكتاب
ـ اسم الكتاب: «الشباب هموم الحاضر وتطلّعات المستقبل».
ـ اسم المؤلِّف: عبد الله أحمد اليوسف
ـ بيانات النشر:
إصدار مؤسّسة البلاغ، بيروت، الطبعة الأولى، 2000م.
جاء الكتاب في 200 صفحة من الحجم الوسط،
وقد قسّمه المؤلف إلى ستّة فصول.
محتوى الكتاب:
تضمّن الكتاب بالإضافة إلى فصوله الستّة مقدّمة تحدّث فيها الكاتب عن مرحلة الشباب، معتبرًا إيّاها من أزهى مراحل العمر في حياة الإنسان وأجملها وأقواها؛ لذلك يُنظر إلى هذه الفترة الزمنيّة على أنّها فترة ذهبيّة في حياة كلّ إنسان. وإنّ من يُفرّط في شبابه يفرّط في حياته كلّها. يقول المؤلف: «وشريحة الشباب تشكّل العمود الفقريّ لأيّ تقدّم وتطوّر في حياة الشعوب والأمم؛ فهم الذي يصنعون المستقبل، ويرسمون معالم التقدّم والتحضّر، ويُنفذون خطط البناء والتعمير.. ولن يتم ذلك إلا باستثمار طاقات الشباب وتوظيفها، والاستفادة من إمكاناتهم وقدراتهم ومواهبهم في العمل والإنتاج، وتشجيهم وتحفيزهم إلى الإبداع والابتكار في مختلف الحقول العلميّة والعمليّة»[1].
- الفصل الأوّل: جاء بعنوان: «الشباب القيم»، تحدّث فيه المؤلّف عن عدّة قضايا أساسيّة، أبرزها الدين والالتزام، معتبرًا أنّها حاجة أساسيّة وأصيلة في حياة الإنسان؛ لأنّها تتصل بفطرته، كما أنّها تتصل بجوهر الحياة، وسرّ الوجود، وفلسفة الكون.
وأكّد أنّ الانتماء إلى الدين يشبع الرغبات الفطريّة التي تزداد الحاجة إلى إشباعها في بداية مرحلة الشباب؛ حيث تستيقظ الغرائز المادّيّة والمعنويّة، ويكون لدى الإنسان القابليّة لفهم القضايا الدينيّة والالتزام به. لكن بما أنّ هذه المرحلة تشهد تحوّلات كبيرة؛ فهي بحاجة إلى توجيهٍ أخلاقيّ، وإرشاد دينيّ .
الفصل الثاني: بعنوان: «الشباب وبناء الذات»، دعا فيه المؤلف إلى الاهتمام بالعلم؛ لأنّ العقل العلميّ هو الذي يملك القدرة على البناء والتعمير والتطوير والتقدم وبناء الحضارة الإنسانيّة؛ لذلك من الواجب العمل على امتلاك الشباب ناصية العلم كي يعيش جيل الشباب عصره، ويبني مستقبله، ويطوّر حياته، وحياة أمّته، ويمتلك القدرة على إدارة الحياة بجدارة فائقة.
ولكي يكون الشباب في مستوى التحدّي العلميّ والتكنولوجيّ والحضاريّ الذي نعيشه في هذا العصر، لا بدّ من إعداد الشباب إعدادًا علميًّا مركّزًا، وتنمية قدراتهم العقليّة، وصقل مواهبهم، ورعاية ميولهم العلميّة والعقليّة والنفسيّة، كذلك من المهمّ تهيئة الفرص للبحث العلميّ الحرّ في نطاق مفهوم الحرّيّة في الإسلام، وإيجاد مراكز للأبحاث والدراسات العلميّة والاستراتيجيّة، وتحفيز الطلاب والعلماء نحو الإبداع والابتكار والاكتشاف، فهذا هو الطريق الموصل للمنافسة العلميّة والحضاريّة.
الفصل الثالث: عنونه المؤلّف بـ «الشباب والزواج»؛ أشار فيه إلى أنّ الإسلام شرّع الزواج لتلبية الحاجة الغريزيّة عند الإنسان ضمن قيود وضوابط. وفي معرض الحديث عن الزواج، اعتبر المؤلف أنّ كثيرًا من الأفكار الخاطئة التي تدعو إلى تأخير الزواج إنّما هي أفكار الغرب، الذي أطلق العنان للحرّيّة الجنسيّة، وللعلاقات الجنسيّة المفتوحة، بل والممارسة الجنسيّة دون حياء؛ لذلك فهم لا يشعرون بضرورة الزواج المبكر، بل يوجد دعوات لإلغاء الزواج من أساسه.
ـ الفصل الرابع: بعنوان «الشباب والترويح عن النفس»، أشار فيه المؤلّف إلى أنّ بعض الشباب يريدون الحياة كلّها لهوًا ولعبًا واستراحة، وهذا يعني أنّ الترويح عن النفس قد تحول إلى هدف بذاته، وهذا عين الخطأ؛ إذ إنّ الترويح عن النفس وسيلة لأهداف نبيلة تتلخّص في تجديد النشاط، وتنشيط العقل والروح، وتنمية الجسم والبدن. والمطلوب حقيقة هو أن يعتبر الشباب الحياة الدنيا مكانًا للعمل الصالح، والنشاط الدائم، والعطاء المستمر.
ويؤكّد المؤلف ما للدعابة، والمفاكهة، والأنشطة الترفيهيّة من أثر في زيادة العطاء والعمل والإنتاج، في حين أنّ العبوس يؤدّي إلى خفض الإنتاج، وضعف الأداء الوظيفيّ، ومن جهة أخرى فإنّ الدعاية والمفاكهة تعدّ من عوامل إدخال السرور في القلوب وإزالة التوتر النفسيّ، وتنمية الصدقات والعلاقات العامّة.
وتعدّ الصداقة من العلاقات الاجتماعيّة التي تحمل في طيّاتها السعادة؛ إذ تشير بعض الدراسات إلى أنّ من لديهم أصدقاء أكثر، ويقضون معهم فترة أطول هم أناس أكثر سعادة من غيرهم.
ـ الفصل الخامس: المعنون بـ «الشباب ووسائل الإعلام والاتصال» أكّد فيه على أنّ أجهزة الإعلام تلعب دورًا مؤثّرًا في صناعة الرأي العام، ورسم الأنماط السلوكيّة للناس، والتأثير في صناعة القرار السياسيّ، بل التأثير في مختلف السياسات العامّة للدولة الحديثة؛ وذلك بفعل التطوّر المذهل والسريع في أجهزة الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة. ومن هنا يرى المؤلّف أنّه بدلاً من أن نتحدّث دائمًا عن الغزو الإعلاميّ والثقافيّ الغربيّ، فإنّه يجب علينا الاستفادة من الوسائل المتاحة لنا في تقوية إعلامنا، بحيث يكون مؤثّرًا في مختلف الشرائح الاجتماعيّة، ويكون صوته مسموعًا في أرجاء العالم.
فالمطلوب إذن هو أن يقوم الإعلام بدوره في تثقيف الشباب وتنمية قدراتهم العلميّة والثقافيّة، ونشر ثقافة الدين، وبناء الوعي السياسيّ والاقتصاديّ، وتعميق الانتماء للدين والقيم والأخلاق والوطن، ومحاربة الفساد والانحراف والانحطاط، وتنمية الثقة بالنفس، والاعتزاز بالهويّة، والمحافظة على القيم الروحيّة والمعنويّة، فهذه هي رسالة الإعلام الأساسيّة.
ويقع على عاتق الشباب وبالخصوص أصحاب التخصّص منهم مسؤوليّة كبيرة في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ عبر الإمكانات والقدرات والفرص المتاحة.
ـ الفصل السادس: وهو الفصل الأخير من فصول الكتاب خصّصه المؤلّف لموضوع «الحداثة والشباب» فما دام الشباب يميلون بشكل طبيعيّ إلى الانفتاح، والبحث عن كلّ جديد، والرغبة في تجربة كلّ حديث، وكراهية كلّ قديم، وكلّ مألوف، وكسر الروتين والجمود.. فإنّهم أكثر تأثّرًا وانجذابًا إلى الأفكار الحديثة، والعادات الجديدة، بغضّ النظر عمّا إذا كانت مفيدة أو مضرّة.
ويرى المؤلف أنّ المسؤوليّة الدينيّة والأخلاقيّة تلزمنا جميعًا بترشيد توجيهات الشباب، وتنمية الوعي لديهم، وتعديل ميولهم، وحثّهم على أخذ كلّ جديد مفيد، ورفض كلّ ما هو مضرّ، وتوجيههم نحو الاستفادة من منجزات العصر العلميّة والتقنيّة والمدنيّة، ورفض الرذائل الأخلاقيّة المصدّرة إلينا من الغرب. لكنّه دعا في الوقت نفسه إلى ضرورة إعطاء الأجيال الشابّة مساحة واسعة من أجل التكيّف مع متطلّبات الزمان والمكان بما لا يتنافى مع قيم الدين وأخلاقيّاته.
نقد الكتاب:
يرِد على الكتاب مجموعة من الملاحظات، أبرزها أنّه لم يكن الكاتب موفّقًا إلى حدّ ما في ما يخصّ المنهجيّة التي قدّم بها الموضوع، فنجده مثلًا بدأ بالحديث عن الشباب والقيم، بدلًا من الحديث عن الأسرة أوّلًا، وعن دورها المباشر في التنشئة الصالحة للطفل. والشأن نفسه ينطبق على تناول قضيّة الشباب وبناء الذات، قبل أن يسبقه الحديث عن الشباب ووسائل الإعلام؛ فإن لم نحصّن شبابنا من خطورة المحتوى الإعلاميّ، كيف لنا أن نتحدّث عن بناء الذات؟!
لكن على الرغم من هذه الملاحظات وغيرها، فإنّه يمكن القول إنّ الباحث أثار موضوعًا حيويًّا وقدّم أفكارًا وتوجيهات ذات أهمّيّة بالغة في حياة الشباب، خاصّة أننا نعيش في عالم مضطرب تتجاذبه الأيديولوجيّات المختلفة التي من شأنها أن تؤثّر على مسار الشباب ومستقبلهم.
----------------------------
[1]- اليوسف، عبد الله أحمد: الشباب هموم الحاضر وتطلّعات المستقبل، ط1، مؤسّسة البلاغ، بيروت، 2000م، ص 8.