-----------

مكتبة OwlZee الإلكترونية

{ آلاء شمس الدين }

مكتبة OwlZee الإلكترونية

«سلامًا، والسلامُ بِلُغَتي يعني كتابًا، جِئتكَ بِه لتُسافرَ معي بعيدًا، نحو عالمٍ لا يصل إليه إلا حاملُ هذه التذكرة الثمينة، جئتك بكتاب لتقرأ، كما رحّب الله بنبيه في آيته الأولى، قائلًا «إقرأ»... فهيّا إقرأ».


تختصر زينب حجازي الشابّة العشرينيّة شغفها بالكتب بهذه العبارات التي نجدها مطبوعة على فواصل الكتب وعلاماتها المخصّصة في مكتبتها، وهي عباراتٌ جميلة لشابّة أدركت أهمّيّة القراءة، وشعرت بالمسؤوليّة في ظلّ تراجع نسبة القرّاء في بلادنا العربيّة، فقرّرت أن تبادر لنشر الكتاب بين صفوف الشباب عن طريق تأسيس مكتبة Owelzee الإلكترونيّة لبيع الكتب في لبنان.

فكيف بدأت الشابّة العشرينيّة تجربتها؟ وإلى أين وصلت؟

بدأت زينب تجربتها من خلال المشاركة في دورة تدريبيّة من قِبل جمعيّة رمق ونوايا في النبطيّة، جنوب لبنان. وضعت خلال الدورة خطّة مكتبتها، وأهدافها، وتفاصيل عملها، وفاز مشروعها بالتمويل في نهاية الدورة من قِبَل الجمعيّة من بين 15 مشروعًا، وذلك بمبلغ قدره 1000$ لتبدأ تنفيذ خطّتها.

استمرّت زينب ستّة أشهر في التخطيط قبل إطلاق المكتبة بشكلٍ رسميّ، وقد استعانت بفريق عمل مؤلَّف من: صديقتها المتخصّصة في العلاقات العامّة، مصمّم غرافيكيّ، وأمينة مستودع تتابع طلبات الكتب من الزبائن. 

كان هدفها كما تقول: «أن يصل الكتاب للشباب وللجميع بأقلّ كلفة، ومن خلال تأمين كافّة الوسائل  للتشجيع على الثقافة. لا نستطيع أن نتّهم الشباب والمجتمع بالابتعاد عن القراءة ونحن لا نؤمّن لهم الكتاب».

تتضمّن مكتبة OwlZee الإلكترونيّة بيع الكتب بأقلّ كلفة، ويستطيع القارئ تبديل كتابه القديم بكتاب جديد من المكتبة، وهناك- أيضًا- كتب مخصّصة للاستعارة عبر الموقع، وثمّة منتدى قراءة خاصّ بالمكتبة على منصّتها الإلكترونيّة، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعيّ في التسويق للمكتبة بشكل كبير، فقد استطاع عدد كبير من الشباب الوصول إلى المكتبة وشراء الكتب من خلال منصّة إنستاغرام وفيسبوك.

لم تلقَ فكرتها في البداية تشجيعًا كبيرًا، فكان الجميع يعتقد أنّ مشروع إنشاء مكتبة هو مشروع فاشل تجاريًّا، وذلك بسبب نظرتهم السلبيّة إلى الشباب وميولهم، لكنّ زينب أصرّت على أن تضع الكتب التي تناسب ميول الجميع حتى تشجّع على القراءة، فقد تنوّعت الكتب بين الأدب، والتربية، التنمية البشريّة، السياسة وغيرها. وبالفعل بعد انطلاق المشروع كانت نسبة المبيعات مرتفعة، وهذا ما أثبت للجميع أنّ ثمّة جيلًا يقرأ.

 اتّبعت زينب وسائل تشجيع لشراء الكتب، فكانت تبيع الكتب بأقلّ سعر ممكن، وكانت تنظّم بعض النشاطات والعروض في المناسبات والأعياد المختلفة؛ فنظّمت في ذكرى ولادة
الرسول الأكرم (ص) نشاطًا في المكتبة تحت عنوان: «اهدني كنزًا يُقرأ»، وأرسلت نسخة من القرآن الكريم هديةً مع كلّ طلب كتاب.

واجهت مكتبة OwlZee صعوبات كثيرة، أبرزها العلاقة مع دور النشر. تقول زينب : «كان هدفي تأمين الكتب بأقلّ كلفة، وكان هدف دور النشر تجاريًّا، وكانت أسعار الكتب مرتفعة وثابتة، لم أستطع تخفيض الأسعار وفي كثير من الأحيان، وكنت أبيع الكتب بخسارة».

وتشير زينب إلى أنّ ثمّة قانونًا قضائيًّا يمنع من تخفيض الأسعار المحدّدة من قِبل دور النشر. وبطبيعة الحال، لم تلقَ منصّة المكتبة الإلكترونيّة أيّ تفاعل إعلاميّ أو دعم ماديّ، على الرغم من أنّها أوّل منصّة إلكترونيّة مخصّصة للكتب في لبنان. 

تتابع زينب دراستها في ألمانيا حاليًّا، كما تتابع عملها مع فريق المكتبة في لبنان، وهي تطمح إلى تطوير المكتبة، وتعمل على  ابتكار أنشطة جديدة دائمًا؛ وذلك لتشجيع الشباب على القراءة حتى لا يتوقّف العمل،  وتهدف إلى تفعيل المنصّة الإلكترونيّة بسبق إعلاميّ أكبر. كما تسعى زينب إلى تفعيل مكتبة مخصّصة لبيع كتب الأطفال أيضًا.

«هدفي أن يقرأ الجميع»، هذا ما أرادت أن تؤكّد عليه الشابّة المبدعة زينب حجازي في نهاية حديثها عن تجربتها الشبابيّة المتميّزة، مشيرة إلى قول الكاتب عبّاس محمود العقّاد: «القراءة وحدها هي التي تُعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة؛ لأنّها تزيد هذه الحياة عمقًا، وإنّ كانت لا تطيلها بمقدار الحساب».

أمّا الكاتب والروائيّ جورج مارتن فيقول: «يعيش القارئ ألف حياة قبل أن يموت، وأمّا ذلك الذي لا يقرأ، فيعيش حياة واحدة وحسب».

 القراءة هي فعل حياة، فعل إسعاد الآخر،  ونحن جيلٌ يقرأ، لا نحتاج الكثير لإحياء حضارتنا وثقافتنا، علينا أن نقرأ وأن نشجّع الناس على القراءة. وثمّة دائمًا فرصة ليصل الكتاب للجميع، ليستمتع الجميع بالقراءة. وليس علينا إلّا أن نسلك طريق الرحلة، رحلة القراءة، فعندما نخطو خطواتنا الأولى في الطريق، سنكون أحرارًا للأبد.

ماذا تنتظر؟ هيّا اقرأ ..