بطاقة الكتاب:
ـ اسم الكتاب:
الميديا ـ مفهومها المعاصر وعلاقتها بالإعلام الكلاسيكي.
ـ اسم المؤلِّف:
خضر إبراهيم حيدر
ـ بيانات النشر:
إصدار المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، دار الكفيل، بيروت ط1، 2008/ 1939هـ..
ـ جاء الكتاب في 199 صفحة من القطع الصغير.
محتوى الكتاب:
ينطلق الكاتب في هذا الكتاب من قضية ثورة الاتصالات، التي سُمّيت اختصاراً وتكثيفاً بـ «ثورة الميديا». حيث لم تعد الحواجز التقليدية للمجتمعات ولا الحدود الجغرافية للدول تشكّل عائقاً أمام التواصل بين مواطنيها. وإذا كان لكل زمان ظواهره غير العادية فلا ريب أنّ الميديا هي ظاهرة استثنائية تحمل الكثير من الميّزات والخصائص التي تختصر أمداء الزمان والمكان في آن. فلا يقوم تواصل فعّال بدونها، ولا تُرسم سياسات أو تُبنى اقتصادات ولن تنشب حروب وثورات للتغيير الاجتماعي إن لم تُلقِ عليها تقنيات الصورة والصوت لمساتها الأثيرية، وتمدّها بما ينبغي لها أن تبلغه من غايات.
من هذه النظرة الإجمالية والمكثفة لظاهرة الميديا ينطلق هذا البحث ليضيء فضاء أثيرياً رحباً، يعرض إلى تطوّره على مرّ التاريخ، ويستوضح مفهومه بجوانبه اللغوية والاصطلاحية والمعرفية. كما ينظر في الأسباب التي جعلت الميديا إمبراطورية للسيطرة الناعمة على المجتمعات والدول، وصولاً إلى زمن بات الفرد فيه قادراً على صناعة عالمه المعلوماتي الخاص يُنشئه أنَّى شاء ومتى أراد.
تتوزع أبحاث هذا الكتاب على أربعة فصول وخاتمة نقدية:
- الفصل الأول: جاء بعنوان مفهوم الميديا، وقد جرى فيه تحليل الدلالة اللغوية والاصطلاحية ، وعلم الإعلام (الميديولوجي)، حيث تم تحديد ثلاثة عصور ميديولوجية هي: الإنتاج الخطي، الإنتاج المطبوع، والإنتاج السمعي ـ البصري، كما تطرَّق إلى أنواع الميديا، وعلاقتها بثورة الاتصالات، والنظام المنهجي لعملها، ومستوياتها، وتحديد مفهومي وسائل الإعلام ووسائط الإعلام.
- الفصل الثاني: يبيّن الفروق الوظيفية بين الميديا والإعلام الكلاسيكي، وفيه عودة إلى تاريخ الإعلام، ووظيفته، وصفاته، وموقعه في الحضارات القديمة، ثم ينتقل إلى الظروف المعاصرة ليشير إلى الإعلام التفاعلي، وأنواع التلفزيون، ودور الأقمار الصناعية، والهواتف الذكية، والمدوّنات الإلكترونية، ويتناول أبرز النظريات المتعلّقة بالميديا، على المستويات السياسية والأخلاقية.
- الفصل الثالث: يتناول ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي (social media)، وتحليل رموزها ووظائفها ومخاطرها، مع جولة على كل موقع، وتبيان المغزى من تأسيسه، وتزاحم الحكومات وكبريات الشركات العالمية على تملّك هذه المواقع، لما لها من تأثير في سيرورة الحياة، وما تدرّه من أرباح في نطاق ما سمِّي بأمبراطوريات المال الإعلامية.
- الفصل الرابع: وهو بعنوان «الميديا والسياسة»، ويضيء على دور الميديا في خدمة المصالح السياسية، والنظريات المعتمدة في هذا المجال، وثقافة الترهيب الإعلامية، وتأثير التلفزة الفضائية، والتحول من الميديولوجيا إلى الأيديدولوجيا.
- الخاتمة النقدية، جاءت تحت عنوان «نقد الميديا ـ استعمار الصورة والصوت»، وفي سياقها توضيح للكيفية التي استثمرت فيها الدول الكبرى تقنيات الصورة والصوت في السيطرة على مقدرات الدول والشعوب، والتحكم بمختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما، على سبيل المثال، ما فعلته الأمبراطوريات الإعلامية في الغرب حيث يتّضح بجلاء الوجه الإعلامي للاستعمار المعاصر.
مميّزات الكتاب:
بعد الاطلاع على محاور الكتاب وقراءة مضامينه، نلحظ أنّ الكتاب قد شّخص بدقّة مفهوم الميديا وعدّد مزاياها وتاريخها، وميّز نقاط الفرق بين الميديا والإعلام، وقد أجاد في تجميع أكبر كمّيّة من المفاهيم والنظريّات والمعلومات والمعطيات التكنولوجيّة والتقنيّة، وصاغها ولخّصها بأسلوبٍ منهجيّ علميّ شيّق يستوفي الشروط الأدبيّة والعلميّة، لكن يُلحظ أنّ الكتاب موجّه للنخب والمتخصّصين.
قراءة نقدية:
ـ على المستوى النظري: يُسجّل على هامش القراءة بعض الملاحظات النقديّة، أبرزها:
- ابتعاد الكتاب عن اللغة المبسّطة المفهومة من قبل القراء الشباب، فقد استغرق الكاتب في المصطلحات، وجنح نحو القراءة التاريخيّة، والقراءة التأسيسيّة التقنيّة لنظريّات الإعلام والاتصال والميديا، وهي أطر مهمّة لفهم القضيّة ودراستها في بعدها النظريّ بكلّ تأكيد.
- وفي السياق نفسه، نضيف إلى النظريّات التي ذكرها الكاتب، نظريّة الاستخدامات والإشباعات التي لم يسلّط الضوء عليها بصورة وافية، على الرغم من كونها أكثر النظريّات المفسِّرة لسلوك مستخدمي الميديا، فلها قدرة مهمّة على بيان دور شبكات التواصل الاجتماعيّ في تشكيل الرأي العام، وذلك بالنظر إلى الإشباعات التي تُقدِّمها شبكة الإنترنت لمستخدميها بأصنافها المختلفة (إشباعات المحتوى، وإشباعات الاتصال) بعيداً عن الإعلام التقليديّ الذي هجره الجيل الجديد بنسبة 80%.
- لا بد من دراسة أوسع وأشمل للميديا بملاحظة كل التطوّرات التقنية والبرمجية، فضلاً عن الانتشار الواسع، والتنوّع في القضايا المطروحة، إذ الموضوع يستحقّ المتابعة والتحديث الدائمين.