-----------

  البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

ملف العدد : شباب ناجح في عالم متغير

الباحث :  د. ليلى شمس الدين
اسم المجلة :  مع الشباب
العدد :  8
السنة :  السنة الثانية - شتاء 2020م / 1441هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 18 / 2020
عدد زيارات البحث :  274
لماذا الشباب؟
«اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْس، شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ، وحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»[1].
نصائح عدّة تُحدّد للشباب –خاصّة- منهجَ حياتهم، وتزداد أهمّيّتها كونها تطال 1.8 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 10 و24 سنة في العالم، وهذا هو أكبر عدد من الشباب على الإطلاق، إذ يمثّل الشباب اليوم ما نسبته 18 في المئة من مجموع سكان العالم، أي ما يصل إلى 1.2 بليون نسمة، يعيش 87 في المئة منهم في البلدان النامية[2].

خصائص الشباب في القرن 21:
يعيش شباب اليوم في عالم معولم جرّاء التقدّم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ما يسمح بانتشار تقنيّات المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعيّ في معظم جوانب الحياة اليوميّة بين معظم الشباب بتوسيع نطاق شبكاتهم الاجتماعيّة إلى حدّ كبير، فيتميّزون بزيادة المعرفة جراء هذه السهولة المتوفّرة.
وقد أدّى ذلك إلى امتلاك «الشباب مجموعة من التجارب الفريدة المتمثّلة في آراء وأفكار وممارسات، ترتكز على قدرات ومهارات، تسهم في إيجاد قرارات لمشاكلهم الخاصّة، كما لمخطّطاتهم ومشاريعهم، ما يضعهم في مصاف الجهات الفاعلة في بيئاتهم ومجتمعاتهم»[3]؛(وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ )(سورة النجم، الآيتان39-40).
«يبدأ الشباب ضمنيًّا في اتخاذ الخيارات مبكرًا من السنة الحادية عشرة، فيقرّرون بطرق مختلفة، مستندين على تجاربهم، وعلى الاتجاهات الذي يتّخذون فيه خياراتهم، إضافة إلى الطرق التي تتفاعل بها السياقات والسمات الفرديّة لكلّ شخص قبل وأثناء عمليّة صنع القرار»[4].

اتّخاذ الخيارات:
(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ )(سورة الانشقاق، الآية 6)؛ من هذا المنطلق العمليّ، وبهدف إعداد شبابٍ ناجح في عالم اليوم المتغيّر، ركّز «اختصاصيو التوعية وأصحاب العمل وصنّاع القرار بشكل متزايد على تطوير المهارات الحياتيّة كوسيلة أساسيّة تطال الطبيعة النفسيّة والاجتماعيّة والشخصيّة والعاطفيّة للشباب، بغية تمكينهم من التغلّب على التحدّيات، والتصرّف بشكلٍ إيجابيّ ومتطوّر»[5].
 تطال هذه الوسائل، السلوك والمواقف وتكوين المعرفة، وتتمحور حول مجموعة شاملة من المهارات والقدرات المعرفيّة وغير المعرفيّة، ما يساعدهم على التطوّر ليصبحوا أعضاء نشطين ومنتجين في مجتمعاتهم؛ (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(سورة النحل، الآية97).
في هذا الإطار، تشمل «مشاركة الشباب أربعة مكونات: المشاركة الاقتصاديّة المتعلّقة بالعمل والتنمية؛ والمشاركة السياسيّة المتعلّقة بعمليّات صنع القرار؛ والمشاركة الاجتماعيّة المتعلّقة بتحسّس قضايا المجتمع؛ والمشاركة الثقافية المتعلّقة بالفنون والقيم الثقافيّة والتعبير»[6].
بما أنّ الحريّة والأخلاق، والقيم المعنويّة، والعدالة، والاستقلال، والعقلانيّة لا يختصّ أيّ منها بأيّ جيل أو مجتمع دون غيره حتى تتألّق وتزدهر في حقبة وتأفل في حقبة أخرى، ولأنّه لا يمكننا معرفة المجهول إلا عن طريق التجربة كما الإصغاء لتجارب الآخرين، ولأنّ رفع مستوى البصيرة والوعي السياسيّ والنظرة تجاه القضايا المحلّيّة والدوليّة لا يتمّ إلاّ بهمّة الشباب ووعيهم وسرعة عملهم وإبداعهم، من أجل ذلك، تتمثّل النقطة المهمّة التي يجب أن يضعها صانعو المستقبل نصب أعينهم ـ هم شريحة الشباب دون الـ 40 عامًا ـ بوصفهم الطاقة الإنسانيّة المستعدّة والفاعلة، والذين ينبغي لهم أن «يعتمدوا على ذواتهم، ويقدّروها حق التقدير، منطلقين من الحثّ على العلم، وإعداد الخطط، والتحلّي بالنزاهة والوعي والمسؤوليّة لتنفيذها»[7].
 لبلوغ هذه الأهداف، يحتاج الشباب إلى الابتعاد عن الخوف واليأس، والسعي دائمًا إلى زراعة براعم الأمل بالمستقبل، من خلال اتّباع أسلوب حياة يتجنّب وقوع خسائر لا يمكن تعويضها، على الصعد المعنويّة، والاقتصاديّة، كما الدينيّة والسياسيّة، فالإدراك والوعي مرتكزان أساسيّان للوصول إلى بر الأمان
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّـهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )(سورة الأنفال، الآية 29).

المرتكزات والبدائل:
عندما يتمكّن الشباب من انتزاع الفرص المحيطة بهم، ولا ينتظرون من يسمح لهم أو لا يسمح بمشاركة نشطة وأكثر فعاليّة في صنع القرار على جميع المستويات، كما في تخطيط، أو تنفيذ، أو رصد أو تقويم جميع المسائل التي تمسّ مصيرهم، عندها يرتكز الشباب على أُسس تتيح لهم:  

ـ المرونة والقدرة على التكيّف.
ـ تعزيز القدرات المعرفيّة وغير المعرفيّة، التي تحدّد المسار الإيجابيّ الاجتماعيّ والاقتصاديّ والسياسيّ.
ـ تغيير السلوك الشخصيّ والمواقف الاجتماعيّة لهذه الفئات، ما يستدعي إنشاء خطّة حياة لهم، وتجهيزهم بالمهارات اللازمة لاتّخاذ خطوات ناجعة في مسار تحقيق أهدافهم.
ـ اكتساب المهارات الحياتيّة التي يمكن لهم تطويرها والاحتفاظ بها طوال حياتهم»[8].
الجدير بالذكر، أنّ الشباب يشاركون اليوم مجتمعاتهم من خلال وجهات نظرهم وتجاربهم بهدف المساعدة في تصميم وتنفيذ البرامج التي تستهدف احتياجاتهم الخاصّة؛ وذلك من خلال جملة من الخطوات الرامية إلى التدخّل في سن القوانين، والتأثير في السياسات والبرامج، متكيّفين مع الظروف المتغيّرة من أجل تحديد أهدافهم وأولويّاتهم للعمل، «بالاستناد إلى:
ـ لعب دور رئيسيّ في رصد الحاجات والمشكلات وتقويمها.
ـ تحيّن الفرص للالتقاء والتعبير عن تجاربهم ومخاوفهم.
ـ انتخاب ممثّليهم، وتحديد أولويّاتهم وإدارة جداول أعمالهم.
ـ المشاركة في مجالس الشباب، والنقابات، والبرلمانات.
ـ المشاركة في المؤتمرات الوطنيّة والدوليّة، كمنظّمين، ومتحدّثين، ومندوبين ومقرّرين.
ـ ظهورهم النشط، وتمثيلهم في وسائل الإعلام»[9].

آليّات وسبل المساندة:
ولا شكّ أنّ البوصلة الأولى والأخيرة تتّجه نحو الشباب أنفسهم في عمليّة تحديد مسارهم وخياراتهم؛ لأنّ التقدّم لا يكون تقدّمًا إلّا إذا كان ذاتيًّا ومعتمدًا على الطاقات الداخليّة المنتجة، ولأنّ أهمّيّة ظهور الشباب تتمحور كقوّة جديدة وفاعلة في المجتمع، شرط ألّا تتوقّف مسيرتهم وألّا تصاب بالاختلال، لأنّ(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)(سورة الرعد، الآية 11).
ويقودنا هذا المسار إلى أسئلة تتناول الجهة أو الجهات التي يجب أن تُقدِّم الدعم لهؤلاء الشباب، وتحديد آليّات الدعم في عمليّة صنع القرار، بالإضافة إلى المعلومات التي يُفترض أن نقدّمها لهم، وكذلك مقدار المعلومات وطبيعة النصائح والإرشادات التي يتلقّاها الشباب لدعم قراراتهم، والفرص المتاحة أمامهم والتي قد توجّه خياراتهم، ناهيك عن المدى المؤثّر والمتأتي من خلفيّة مجتمعاتهم وفلسفتها وأخلاقها وثقافتها على صنع القرار. وهذا يرتبط بمقدار معرفتنا وإدراكنا لكيفيّة تحديد الشباب للتأثير الرئيس على عمليّة صنع قراراتهم، ومن ثمّ رصد مستوى التأثير وحجمه لدى الأفراد على الشباب أنفسهم.
أسئلة برسم كلّ فرد منّا يُصرّح، أو يعي أنّه يعمل من أجل مستقبل شبابنا وأمّتنا.

--------------------------------
[1]- المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار، ط2، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403هـ جزء 74، الصفحة 75.
[2]- في كانون الأول ــــــ ديسمبر 2009، اتخذت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة القرار 64/134 الذي يعلن السنة تجسيدًا للأهمّيّة التي يوليها المجتمع الدوليّ لإدراج القضايا المتعلّقة بالشباب ضمن جداول العمل الإنمائيّة على كلّ من المستويات العالميّة والإقليميّة والوطنيّة،
 https://www.un.org/ar/events/youth2010/
[3]- Bonnie RJ, Stroud C, Breiner H, Investing in the Health and Well-Being of Young Adults, Committee on Improving the Health, Safety, and Well-Being of Young Adults; Board on Children, Youth, and Families; Institute of Medicine; National Research Council; Washington (DC): National Academies Press (US); 2015 Jan  27, page 273, https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK284782/
[4]- José Gilberto Hernández Ramírez, María J. García G., and Gilberto J. Hernández G. , Decision making process in everyday life , page 15, October 2017, https://www.researchgate.net/publication/320567235
[5] - (م.ن)، ص10.
[6]- Investing in the Health and Well-Being of Young Adults, page 282.
[7]-Uwem E. Ite, Perspectives on Self-Reliance and Sustainable Development in Nigeria, Conference: 2nd National Conference - Academic Staff Union of Polytechnics (ASUP), at KenPoly, Bori, Rivers State ,Nigeria, September 2016, page 5, https://www.researchgate.net/publication/308022868_Perspectives_on_Self-Reliance_and_Sustainable_Development_in_Nigeria/link/57d6fc1f08ae0c0081ea7efe/download.
[8]-  Youth Participation in Decision-making, World YOUTH Report, 2003, page 284
https://www.un.org/esa/socdev/unyin/documents/ch10.pdf
[9]- (م.ن)، ص283.