-----------

  البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

ملف العدد : عندما يصاب الشباب بالهوس!!

الباحث :  د. فضل محمد شحيمي
اسم المجلة :  مع الشباب
العدد :  7
السنة :  السنة الثانية - خريف 2019م / 1441هـ
تاريخ إضافة البحث :  December / 14 / 2019
عدد زيارات البحث :  330
تقنيّات خدعت الشعوب:
لا شكّ أن وسائل التواصل الاجتماعيّ مشروع عالميّ، وأداة تستخدمها العولمة من أجل تنفيذ مصالح اقتصاديّة وسياسيّة؛ هدفها إحكام السيطرة على العالم وفرض إرادة الدول المستكبرة على الدول الضعيفة والصغيرة تحت عناوين متعدّدة لا يظهر منها سوى الجانب البرّاق الذي خُدعت به الشعوب واعتبرته إنجازًا علميًّا وحضاريًّا
وقد تلقّفت الأجيال الصغيرة والشابّة هذه الوسائل بفرحٍ شديد، حتى بات حديث الكبار اليوم يتضمّن التفاخر بمدى قدرة أبنائهم وأحفادهم على استعمال هذه التقنيّات، والحال أنّها تسلب النور من عيونهم، وتحرق أعصابهم، وتصرفهم عن كثير من الأعمال المفيدة. والأمر الخطير أنّ مصدّري هذه التقنيّات درسوا احتياجات الأطفال وميولهم، وعرفوا رغبات الشباب، فبدأ البثّ المكّثف، وتمّ إصدار كثير من البرامج المتنوعة، وبدأ الأطفال والشباب يتلقّفونها دون حسيب أو رقيب، وتعالت في الوقت نفسه صرخات موجعة خائفة محذّرة من التمادي في استهلاك هذه التقنيّات.

عندما يُدخل السم بالدسم؟!
وحصل انتقال سريع من العالم الواقعيّ الزاخر بالقيم الأخلاقيّة، والدينيّة، والاجتماعيّة، إلى عالمٍ افتراضيّ مشبوه ومزيّف. وتمّ العمل على دسّ السم بالدسم، وذلك عن طريق التركيز على الجانب العمليّ لما تقدمه وسائل التواصل من فوائد في هذا المجال، وصُرف النظر عن آثارها السلبيّة التي غزت مجتمعاتنا؛ فلحق شبابنا شعاراتها الجوفاء التي خدّرت عقولهم. ومع مرور السنين نلاحظ أنّ مصمّمي هذه الوسائل قد عملوا على تطويرها وتحسين صورتها؛ ليقع الجيل كلّه في معركة السباق المحموم لاقتناء الحديث منها، ووقع شبابنا في مرض جديد أدركته دوائر علم النفس، يتمثّل بمشكلة الهوس في استعمال الوسائل الحديثة، خاصّة أنّ هذه الوسائل بدأت بإزاحة الوسائل التقليديّة من أمامها، ويتوقّع الخبراء في هذا المجال أنّها ستحلّ محلّ كلّ ما كان يمتّ للأدوات التقليديّة بصلة.
لذا كان من واجبنا أن ندقّ ناقوس الخطر، ولا سيّما أنّ ضحايا هذه التقنيّات بدأت تطرق أبواب عياداتنا النفسيّة؛ فظهر بعضٌ من آثارها وتداعياتها السلبيّة، منها: اهتزاز الأسرة، ارتفاع نسبة الخلافات الزوجيّة والعائليّة، ارتفاع  نسبة الهجر والطلاق، والجنوح والانحراف،... وغيرها من المشاكل التي دفعت إلى إنشاء فرع خاصّ من فروع علم النفس العلاجيّ لمواجهة هذا التسونامي الرهيب الذي يعصف بالمجتمع، وذلك بهدف معالجة الضحايا من الإناث والذكور وبمختلف المستويات العُمْريّة. وقد أُدرج في الطبّ النفسيّ- أيضًا- اضطراب جديد في التصنيف الأخير للأمراضDSMV ؛ يتناول اضطراب الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعيّ، والإدمان على الإنترنت عمومًا.
وعلى الرغم من كلّ تلك الآثار والتداعيات الخطيرة لوسائل التواصل على مجتمعنا، لكننا نرى بعض الأشخاص ما زال يعيش نشوة هذا التقدّم الذي نقل العالم –حسب نظره- من ظلمة الجهل والمحدوديّة إلى الفضاء الأوسع والأرحب، فبات الحصول على المعلومة والتواصل مع أيّ شخص في كوكبنا سهلاً وسريعًا، وتمّ التمجيد لمزايا “غوغل” الذي احتلّ عقولنا، بل حلّ محلّها، وهو يصدر فتاواه شمالاً ويميناً دون حسيب أو رقيب، ودون أيّ تدقيق في صحة المعلومة ومصدرها، واستبدلت اللقاءات الشخصيّة والرحميّة بلقاءات وهميّة.