لا يمكننا في البحوث المرتبطة بالقيم والصراع بينها على مدار التاريخ أن لا نعود إلى الآيات القرآنيّة التي تتحدّث عن الشيطان الذي أخذ على عاتقه أن يُضلّ الإنسان، ويُبعده عن فطرته التي خلقه الله عليها، وعن الكمال الذي هيّأه له، والمصير الجميل الذي ينتظره.
ذلك أنّه يمكن تصنيف كلّ المواقف المرتبطة بالقيم السلوكيّة، والأخلاقيّة، والروحيّة، والحضاريّة وغيرها، والتي يمكن تقسيمها إلى صنفين:
1ـ صنف أصيل: يتناسب مع العقل والطبيعة الإنسانية، وهو الذي جبل الله عليه الإنسان، وجعل سعادته وسلامه وطمأنينته فيه، وهو الذي جاء الرسل والأئمة% للدعوة إليه، وتنزّلت الكتب المقدّسة التي تضمّنت كيفيّة تحقيقه.
2 ـ صنف وافد: أو دخيل أو غريب عن طبيعة الإنسان؛ ولذلك يتنافر معه ومع كلّ ما تتطلّبه سعادته وسلامه وطمأنينته، وعلى الرغم من ذلك فقد أُتيح للشيطان وجنوده ـ تحقيق الاختبار الإلهيّ ـ أن يتدخلوا في تعديل الطبيعة الإنسانيّة بحيث يصبح لها بعض الميل إليه، وذلك عبر وسيلة الإغواء والتزيين، كما قال تعالى في وصف المنابع التي صدرت منها كلّ الفلسفات المادّيّة والوجوديّة: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39، 40].
فالآيتان الكريمتان تلخّصان المصدر والمنهج الذي تعتمده كلّ القيم الوافدة على الإنسان، وهو منهج التزيين والإغواء، وهو لا يعني أنّ الشيء المزيَّن يحمل أيّ حقيقة جماليّة، ولكنه يعني أنّ ذلك المزيَّن وُضع بصورة بحيث تُقبل عليه العين، أو يقبل عليه الذوق، ثم يقع الإنسان بعد ذلك فريسة له، مثلما يقع المدمن فريسة لذلك الشراب، أو تلك المخدِّرات التي استعملها مرّات عديدة إلى أن صارت متحكّمة فيه.
ولذلك أخبر الله تعالى أنّ من تزيينات الشيطان للمشركين قتل أولادهم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } [الأنعام: 137].
فمع أنّ هذه الظاهرة لا تتناسب أبداً مع ما جُبِل عليه الإنسان من قيم الرحمة والحنان، وخصوصاً على الأولاد، لكنّ الشيطان استطاع عن طريق أدواته المختلفة أن يجعل من ذلك التصرّف سلوكاً عاديّاً طبيعيّاً أقرّه المجتمع، وراح يجد من يدافع عنه.
وهكذا نستطيع من خلال هذه الرؤية القرآنيّة أن نكتشف المصادر والمناهج التي تعتمدها كلّ الأفكار والفلسفات الوافدة لتعديل القيم الإنسانيّة، وجعلها تتناسب مع الخطّة الشيطانيّة لإغواء الإنسان.
وعند تحليل المراحل التي تمرّ بها القيم الشيطانيّة الوافدة على الإنسان، نجد أنّها تمرّ بمراحل ثلاث، تبدأ بتعديل الفكر، ثم تعديل السلوك، وتنتهي بتعديل الشخصيّة وتحويلها من شخصية إنسانيّة ممتلئة بالقيم الإيمانيّة النبيلة إلى شخصيّة شيطانيّة ممتلئة بالقيم المنافية للطبيعة الإنسانيّة.
وسنحاول في هذا المقال المختصر أن نذكر بعض النماذج عن كيفيّة تسلّّل القيم المنحرفة إلى الإنسان، لتحويله عن الصبغة التي صبغه الله عليها إلى الصبغة التي يريدها الشيطان.
أولاً ـ القيم والمرتكزات الفكريّة:
أوّل ما يقوم به الشيطان في خطته الإغوائيّة [تعديل الفكر] باعتباره الأساس الذي تنطلق منه جميع سلوكيّات الإنسان ومواقفه؛ ولذلك يستخدم لأداء هذا الغرض كثيراً من الشخصيات التي يستحوذ عليها، وينسيها ذكر الله، ثم يوسوس لها بكلّ تلك الفلسفات والأفكار الغريبة عن الطبيعة الإنسانيّة، والتي قد نتوهم أنها فكر إنسانيّ أصيل، بينما هي في حقيقتها إغواء وتضليل شيطانيّ، كما قال تعالى: { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء: 117 - 120].
فهذه الآيات الكريمة تشير إلى أنّ الشيطان يستعمل كلّ وسائل الإغواء لديه لاختيار رؤساء التضليل وزعماء الفتن، ويحوّل منهم قادة فكريّين، وزعماء اجتماعيّين، وفلاسفة ملهمين، وشعراء مبدعين، وفنانين موهوبين؛ ليخترق من خلالهم عقول عامّة الناس، فتصبح مراكز التحكّم الفكريّ بين يديه يتحكّم فيها كما يشاء.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر عند ذكره لكيفيّة مقابلة الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى لإعادة صياغة الإنسان بحسب فطرته الأصليّة، لا بحسب تلك النسخة المزوّرة التي حبكها الشيطان، قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [غافر: 83].
فهذه الآية الكريمة تصوّر الموقف الذي لا نزال نراه من أصحاب الفلسفات الماديّة من الإيمان وقيمه الرفيعة، وهي السخريّة والاستهزاء، واعتبار الكمال في تلك الفلسفات والأفكار، وليس في تلك الحقائق الإلهيّة التي جاء الرسل% للدعوة إليها.
ولذلك فإنّ من يريد أن يتحوّل إلى [عباد الله المخلَصين] الذين لم يتمكن الشيطان من التأثير فيهم عليه أن يبدأ بتصحيح أفكاره عن الوجود والكون والحياة والإنسان...، حتى لا يتسلّل الشيطان إلى أيّ باب منها، فيبعده عن فطرته وحقيقته، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك عندما ذكر أساليب التضليل التي استعملها مع آدم8، وهي تصوير الأكل من الشجرة فرصة لتحقيق الخلود والملك والسعادة، كما قال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120]
ثم أظهر نفسه بصورة الناصح الأمين الذي لا يريد لآدم8إلا الخير والصلاح، كما قال تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 21].
إلى أن تمكّن بعد كلّ تلك الوسائل من تحويل الأكل من الشجرة من كونه محلّاً للنهي الإلهيّ، إلى كونه محلّاً للملك والخلود.
وهكذا يفعل مع كلّ الخلق، عندما يصوّر لهم الحقائق بغير الصورة التي هي عليها في الواقع، حيث يصبح الخمر مشروبات روحيّة، واللباس المثير فنّاً أو حرّيّة شخصيّة، والفاحشة علاقات ودّيّة، والاستعمار والظلم خدمات إنسانيّة...!!! وهكذا يتفنّن في التلاعب بالألفاظ والمصطلحات والأفكار إلى أن تتمكن من صاحبها، ويتحوّل عن طبيعته الإنسانيّة.
وقد أشار إلى ذلك قوله – تعالى - محذّراً الإنسان من الوقوع في إغواء الشيطان: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 27، 28].
ثانياً ـ القيم والمظاهر السلوكيّة:
بعد تعديل الشيطان وأدواته المختلفة لأفكار الذين يريد غوايتهم، لتتناسب معه، يسهل عليه بعدها أن يفرض أيّ سلوك شاذ يريده؛ ذلك أنّ جهاز التحكم في الإنسان صار بين يديه، إما مباشرة، أو عبر تلك القيادات الفكريّة والاجتماعيّة التي أصبحت بين يديه لعبة يتحكّم فيها كما يشاء.
ولذلك فإنّ كل ما نراه في الواقع من سلوكيات غريبة، ليس نابعاً من قناعات إنسانيّة، أو قيم مرتبطة بالفطرة الأصليّة التي جُبِل عليها الإنسان، وإنما هو نابع من تلك الأفكار التي غرسها الشيطان أو فلاسفته ومفكّروه في عقل الإنسان، فصار ينظر إلى كلّ شيء من خلالها.
ومن الأمثلة على ذلك أنّ قيمة الحرّيّة، وهي من أنبل القيم الإنسانيّة التي أتاحها الله لعباده، ليعرفوه ويعبدوه من خلالها دون أيّ ضغط خارجيّ، تحوّلت إلى شمّاعة لكلّ أنواع الانحلال، ولذلك كان أكبر دعاة الحرّيّة والوجوديّة ينشرون في أتباعهم والمتأثّرين بهم أنّ وجود الله يلغي وجودهم، وأنّهم مخيّرون بين ممارسة الحياة بحرّيّة مطلقة، أو الخضوع لإله يتحكّم فيها.
وقد عبّر عن هذا المعنى كلّ الملاحدة، وخصوصاً الوجوديون منهم، ومنهم «جان بول سارتر» الذي استعمل كلّ الوسائل لبثّ مثل هذه الأفكار الخطيرة، وعبّر عنها بقوله: «مرّة واحدة شعرت بأنّ الله موجود حين كنت ألعب بعيدان الكبريت، وأحرقت سجّادة صغيرة، وفيما كنت أخفي جرمي أبصرني الله فجأة.. لقد شعرت بنظراته داخل رأسي.. أحسُ أنّني مرئيّ منه بشكل فظيع، وشعرت بأنّني هدف حيّ للرماية، ولكن الاستنكار أنقذني، فقد اغتظت لفضوله المبتذل، لهذا رفضته وجدّفت عليه فلم ينظر إليَّ أبدًا فيما بعد)»[1]
وقال في مسرحية [الشيطان والإله الطيّب]: «لم يكن هناك غيري، لقد قرّرت وحدي الشرّ، ووحدي اخترعت الخير، أنا الذي عشت، أنا الذي أفعل المعجزات، أنا الذين أتّهم نفسي، وأنا وحدي من أستطيع الغفران لنفسي، أنا الإنسان، إذا كان الله موجودًا فإنّ الإنسان هو العدم»[2]
وقد تحوّلت الحرّيّة بهذا المفهوم إلى جميع ما نراه في الواقع من سلوكيّات شاذّة لا تتناسب مع الفطرة الإنسانيّة، فكلّها تفسر بفكرة شيطانيّة واحدة هي [الحرّيّة] و[الليبراليّة] و[الوجوديّة]، وغيرها من الأسماء التي صارت وكأنها حقائق وجوديّة، لا إغواءات شيطانيّة.
ذلك أنّ مثل تلك الأفكار لن تبقي أيّ قيمة أخلاقيّة أو اجتماعيّة أو حضاريّة؛ فالأخلاق تنبني على الإيثار والتضحية والمجاهدة والتحمّل، ويستحيل على من يحمل تلك المفاهيم المادّيّة للحرّيّة أن يتبنّى أيّ قيمة من تلك القيم.
ولهذا نرى الماديّين يفتقدون لكلّ القيم الإنسانيّة الرفيعة؛ لأنّهم يرون الحياة مجرّد صراع لتحقيق الأنانيّة، ولهذا نجد «سارتر» يعمّم موقفه من الله، إلى كلّ شيء، حيث يذكر في بعض كتبه أنّه عندما توفي والده هنّأ نفسه بموته، لشعوره بتحرّره منه، وقد قال في ذلك: «لو كان أبي حيًا لكان تمدَّد عليَّ بملء قامته وسحقني، ولحسن حظّي مات أبي عندما كنت صغيرًا.. إن موت جان باتسيت (والده) كان الحدث الأهم في حياتي، لقد أعاد إليَّ حرّيّتي»[3].
ثالثا ـ القيم وأنماط الشخصيّة:
لا يكتفي الشيطان وأدواته ومدارسه بذلك التغيير الجزئيّ المرتبط ببعض السلوكيّات، بل يريد إغواء الإنسان إغواء كلّيّاً، بتحويله إلى شيطان يشبهه تماماً، وذلك بتحويله عن الصبغة الإنسانيّة التي صبغه الله بها إلى صبغة شيطانيّة، تجعل صاحبها يعيش غاية الألم بعد أن يتخلّى الشيطان عنه.
وقد عبّر عن ذلك قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16].
فغاية الشيطان الكبرى هي قمع كلّ منابع الخير في نفس الإنسان، وإغلاق كلّ منافذ الفكر فيه، ليطبع على قلبه، ويختم على عقله، فلا يرى الحقّ حقّاً، ولا يرى الباطل باطلاً، بل يتحوّل كلّ شيء في ذهنه إلى النقيض، فيرى الحقّ باطلاً، والمعروف منكراً.
وهنا يتخلّى الشيطان عن الإنسان الذي أضلّه ضلالاً كلياً، لأنّه لم يعد إنساناً، بل صار شيطاناً في صورة إنسان، وهو حينها أخطر من الشيطان نفسه؛ لأنّ عمل شيطان الجن عملٌ خفيّ، بينما عمل شيطان الإنسان عمل ظاهر للعيان، قد نراه على شكل كتب نقرؤها، أو مناهج دراسيّة نعتمدها، أو أفلام نشاهدها، أو سلوكيّات نتصوّر أنّها ترمز للحضارة والتطوّر والتقدّم.. بينما هي في حقيقتها لا ترمز إلا للضلال والتيه والشيطنة.
ولهذا يحذّرنا القرآن الكريم من اتبّاع أيّ خطوة من خطوات الشيطان أو أدواته؛ لأنّها جميعاً لا تهدف إلا لتحويل الإنسان عن طبيعته الفطريّة الجميلة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21].
هذه هي المراحل التي تتسلّل من خلالها كلّ القيم الغريبة عن الإنسان، ونراها في الواقع بأنواع كثيرة، لكنّها في حقيقتها ـ وبحسب التصوير القرآنيّ ـ تعود إلى منبع واحد هو منبع الإغواء الشيطانيّ الذي يستعمل مع كلّ قوم أسلوبه الخاصّ بهم.
ولذلك تكرّرت قصّة آدم8 في القرآن الكريم لتردّ الإنسان إلى المبدأ والأصل الذي انطلق منه، وتبيّن له حقيقة الدور المناط به، وهو الحفاظ على فطرته الأصيلة عبر الحفاظ على القيم النبيلة التي فُطِرَ عليها، وجاءت الرسالات السماويّة للدعوة إليها، كما قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 38، 39].
-------------------------