-----------

كيف نجيب عن أسئلة المراهقين؟

{ حسن ركين }

كيف نجيب عن أسئلة المراهقين؟

في يوم من الأيام دخل أحد المراهقين إلى بيت أهله وهو غاضبٌ، وحين سألته والدته عن سبب غضبه أبى أن يتكلم، وبعد إلحاحٍ شديدٍ قال: إنَّ خالي أهانني إهانةً شديدةً، وذلك أني ألقيت عليه السلام مرتين، ولم يردَّ عليَّ. ثم شرع يذكر لوالدته سبب عدم رد خاله للسلام، وأنَّه يكمن في أنَّ علاقته -أي الخال- مع أبيه ليست جيدة؛ بسبب نزاعٍ على ملكية إحدى الأراضي، فأحب أن يتجاهله ويعرض عنه، وقد حاولت والدته إقناعه بأنَّ ذلك لم يكن مقصوداً، وأنَّ خاله لم يسمع سلامه بالتأكيد، لكن الفتى كان يرفض ذلك بشدةٍ، ويردُّ على والدته كل كلمة تقولها، وكل احتمال تسوقه، قالت والدته: «سوف أسأل خالك عن هذا، وأحاول أن أفهم أسباب ما جرى»، وكان رد الفتى أنْ لا فائدة من ذلك؛ لأنَّ خاله لن يقول الحقيقة! وحين سألت الأم أخاها عن ذلك أقسم يميناً مغلظةً أنَّه لم يرَ ابن أخته، ولم يسمع تسليمه، وأنَّه كان وقتَ مرور ابن أخته في حالةٍ سيئةٍ جدّاً بسبب ما سمعه عن طلاق ابنته من زوجها، ومع هذا فإنَّ الفتى لم يقتنع!

إنَّ الطفل يقول: أنت. وإنَّ المراهق يقول: أنا. أمّا الراشد فإنَّه يقول: نحن

من أبرز مظاهر الحياة النفسية في فترة المراهقة رغبة المراهق في الاستقلال عن الأسرة وميله نحو الاعتماد على النفس. ولا بد من مراعاة القضايا الثلاثة الآتية:

1 - الاستعداد جيّداً للأسئلة

قد تبدو أسئلة المراهق مفاجئةً جدًا وأحياناً مُزعجةً ومُحرجةً، لكنَّ الاستعداد الجيد والبحث عن طرقٍ مناسبةٍ للإجابة عن تساؤلاته وبناء علاقةٍ قويّةٍ معه في مراحلَ عمره المختلفة، ستسهِّل الأمر كثيرًا وتجعل الأمَّ جاهزة دومًا للتعامل مع مثل هذه المواقف.

2 - خلق مساحة تواصل

لا بدَّ من التمهيد للمراهق منذ بداية الطريق التواصل الجيد معه، بجعل مساحة الحوار أكثرَ انفتاحًا، فهذا سيساعده كثيرًا، كلّما أصبح أكثرَ نضجًا، أن يشعر بالأمان والثقة في أن يسأل عن أيِّ موضوعٍ يشغل باله كالجنس والبلوغ وغيرها وهو واثق أنه سيجد الجواب الصادق عند أمه، وأبيه، وأخته، وأخيه وحتى أستاذه.

3 – أن نسهّل عليه فرصة السؤال

إنّ الخوف من إثارة المشكلات أو خلق أيِّ مواقفَ مُحرجةٍ قد يمنع المراهق من السؤال ويضطره إلى اللجوء لمصادر خارجية، كمواقع الإنترنت أو الأصدقاء. لذا لا بدَّ للأهل أن يسهّلوا على أولادهم فرصة طرح الأسئلة من خلال أخذ آرائهم في ما يشعرون به.

4ـ تقنيات الإجابة عن أسئلة المراهق

من أجل أخذ الدور المبادر وفتح الموضوع مع المراهق لتشجيعه على طرح كل الأسئلة التي تشغله، ليشعر بأمانٍ أكثرَ وأن أسئلته طبيعيةٌ جدّاً ولا تدعو للخجل، لا بدَّ من:

أ – توحيد الإجابات للمراهق

أن يتفق الأب والأم مسبقًا على ردٍّ موحدٍ لبعض الأسئلة، خاصةً تلك المتعلقة بالأخلاق العامة والمبادئ، لأنه من المهم جدّاً أن يشعر الابن بثبات المبدأ.

 ب – تخمين سبب السؤال

قد يفاجِئ المراهقُ بسؤالٍ عن شيءٍ غيرِ متوقَّعٍ إطلاقًا، فقبل أن نهلع في البحث عن إجابة مناسبة، لا بدَّ من التفكير؛ لماذا يسأل هذا المراهق عن هذا الموضوع الآن؟ وربما يمر بمشكلةٍ ما، أو تعرّض لموقفٍ أثار في باله هذه الأسئلة، لأن معرفة السبب ستساعد في إعطائه الإجابة الكافية والمناسبة لما يدور في باله.

ج – الإجابة الصادقة

لا بد من التعامل مع المراهق بصدقٍ تامٍّ، فالمراهقون يملكون قدرةً ضعيفةً على التسامح والتفهّم لمثل هذه الأمور، فإن اكتشف أنه مخدوعٌ ولو مرةً أو مستهانٌ بأسئلته، فسيستغرق الأمر طويلًا لكي يعيد ثقته مرة أخرى.

د ـ عدم استفزاز المراهقين: خطوةٌ لكسبهم

من الممكن أن ينفجر المراهق من الغضب في أيِّ لحظةٍ لمجرد سماعه كلمةً أو عبارةً لا تسير على هواه وتستفزُّه. لذا لا بدَّ من تجنُّب الاستفزاز من خلال الابتعاد عن العبارات التالية:

- لا تناقشني بالموضوع، هذا أمر مفروغ منه.

هذه واحدة من أسوأ العبارات على الإطلاق. فهي غيرُ منطقيةٍ ومحبطةٌ وتشبه إلى حدٍّ كبيرٍ عباراتٍ تصدر من طفلٍ ذي أربعِ سنواتٍ. 

يجب عليك معرفة ماذا ستفعل بحياتك.

المراهق في هذه المرحلة في منتهى الحيرة. فهو لا يعرف حتى ماذا يختار للإفطار، ويغير ملابسه خمس مرات قبل الاستقرار على شكلٍ معيَّنٍ. كيف يمكن أن يحدِّد ماذا يريد أن يفعل في حياته لمدة 60 عاماً قادمةً مثلاً؟

عندما كنت في مثل سنِّك، مررت بما تمرُّ به أنت الآن.

الشيء الوحيد الذي يمكنك أن تفعله، هو التعبير عن تعاطفك وتفهُّمك، لا أن تُلقيَ خطاباً مفصَّلاً عن تفاصيل حياتك كمراهقٍ  في زمنٍ مختلفٍ.

عندما كنت في سنك، كنت أسير 15 كيلومتر للذهاب للمدرسة وآكل مرةً واحدةً يومياً وأدرس قرب فانوس الكاز.

 سيبدو ذلك كأنّه قصةُ معاناةٍ وتحدٍّ وإثارةٍ. فالعالم بالنسبة للمراهق يدور حوله لا حولك. هو المهم لا غيرَ.

أنت كسولٌ!

ربما يبدو أنّ ابنكَ المراهقَ يقضي يومه على فيس بوك، وأنّ حجرته أصبحت منطقةً محظورةً وأنَّ لياقته البدنيةَ متدنيةٌ. ولكن هذا لا يعني بالنسبة له أنه كسولٌ.   

لماذا لا تكون مثل أخيك الأصغر؟

هل تطلب من ابنك المراهق أن يصبح مؤدَّباً مثل أخيه الصغير؟ هذا الطفل  الذي يجري وراءك في كل مكان كالبهلوان؟ هكذا سيفكر ابنك المراهق.   

 أن تنظر له نظرةَ ازدراءٍ!

في مرحلة - المراهقة - النظرة لا تحل ولا تربط، هي مستفزةٌ بدرجةٍ كافيةٍ ليتجاهلها ابنك ويغض الطرف عنها.

هل سترتدي هذا القميص ونحن في الطريق لجدتك؟ «أو» ألن تغسل شعرك؟..

المراهقون يرتدون ما يحبون وقت ما يحبون. وعليه، فلا يحب انتقاد ملابس ابنك والطلب منه أن يبدلها إذا كان ذاهبا في مشوارٍ معك. هو حتى يرفض الشعور بالخجل من مظهره الذي يرى أنه يعبر عنه تمامًا ويناسبه.

 لماذا لا تستضيف أصدقاءك في البيت بدلاً من الخروج؟

المراهق يتوق دائماً للخروج. فحياته في المدينة تتمحور حول الكافيهات أو النوادي... حتى لو كان ذهابه إلى الشارع المجاور ليأكل مع أصحابه آيس كريم من الدكان المجاور. فهي أفضل بالنسبة له من الجلوس في البيت. المراهق يعلم أنك بسؤالك هذا تريد أن تراقب تصرفاته هو وأصحابه.

 الحياةُ صعبةٌ.

ربما كان هذا صحيحاً، ولكن ليس دورك كأم و أب أن تقول له أن الحياة صعبة وإنما عليك أن تكون عاملاً مساهماً في تحسين هذه الحياة بالنسبة للمراهق.

أنت على ما يرام؟

بالأخص حينما يصيبه أذًى ولو بسيطٌ، فهو في هذا الوقت يشعر بعدم الأمان، فلا تسأله ماذا يريد في هذه اللحظة، لكى يهدأ، فحاول التخفيف عنه في البداية، فهذه الطريقة في التهدئة تشعره أنك لا تشعر به أو أنّك تسخر من ألمه.

أسرِع!

هذه كلمة لا يصح أن نستخدمها مع المراهقين، خصوصاً إذا كان يقوم بفعلِ شيءٍ ما، فهذه الطريقة ترسل إليه رسالةً أنه يجب أن ينجز المهام المطلوبة منه دون إتقان عمله حتى لو كانت لعبةً.