بطاقة الكتاب:
ـ اسم الكتاب:
إيَّاك أن ... نقد الأساليب المضرَّة في التربية وفق معايير التربية الإسلاميَّة
ـ اسم المؤلِّف:
محمَّد رضا قائمي مقدّم
ـ بيانات النشر:
إصدار مركز الأبحاث والدراسات التربويَّة، ط1، بيروت، دار البلاغة،
1440هـ.ق/ 2019م.
جاء الكتاب في 280 صفحة من القطع الصغير. يتميَّز عن غيره من الكتب التربويَّة بأنَّه يتناول الأساليب المضرَّة في التربية، ويسلِّط الضوء على آثارها السلبيَّة انطلاقاً من الرؤية الإسلاميَّة.
هدف الباحث من خلال هذا الكتاب إلى تحقيق أمرين أساسيَّين:
الأمر الأوَّل: عمليّ تطبيقيّ، يتلخَّص في تعريف الأهل والمربِّين على الأساليب المؤذية والمضرَّة في عمليَّة التربية من وجهة نظر الدين، وبالتالي مساعدتهم على تجنُّبها، وعلى حسن إجراء التربية والتعليم.
الأمر الثاني: نظريّ، يتمثَّل في تدوين نظام شامل للتعليم والتربية الإسلاميَّة؛ فقد استطاع الباحث أن يخطو خطوة في هذا المجال، من خلال تحليل سلبيَّات بعض الأساليب التي أشار إليها الدين، وأشار إلى كثير من الأساليب في إطار النظام التربويّ الإسلاميّ.
وفي سبيل تحقيق هذين الأمرين قسَّم الباحث كتابه إلى تسعة فصول؛ عرض في السبعة الأولى منها؛ سبعة من الأساليب المضرَّة، مشيراً إلى آثار كلٍّ منها، ودرس في الفصل الثامن العلاقة بين هذه الأساليب ونظرة الإنسان إلى نفسه، وأشار في الفصل التاسع إلى عدد من العوامل والدوافع التي تؤثِّر في لجوء الأهل والمربِّين إلى هذه الأساليب.
نحاول ـ بشكلٍ موجز ـ الإطلالة على مضامين فصول الكتاب:
الفصل الأوَّل: عالج فيه الباحث الأسلوب الأوَّل، الذي يضرّ ويؤذي الولد أو المتربِّي منذ ولادته، وهو أسلوب التسمية غير المناسبة أو التنابز بالألقاب، فأثبت في هذا الفصل نهي الشريعة الإسلاميّة عن هذا الأسلوب مستنداً إلى الروايات المتعدِّدة التي تعتبر التسمية باسمٍ حسنٍ هو الحقُّ الأوَّل للطفل، وكذلك الروايات العديدة الناهية عن التسمية بأسماء منبوذة؛ ومثالها: التسمية بأسماء الشياطين، أو الحيوانات أو الأصنام أو حتَّى الناس المبغوضين في مجتمعهم. واستند أيضاً إلى سيرة الرسول الأكرم (ص) في تغيير الأسماء القبيحة لأصحابها واستبدالها بأسماء ممدوحة. وفي بيان نهي الشريعة عن التنابز بالألقاب استند إلى الآية القرآنيّة: (وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) [1]، وإلى الروايات الناهية عن إطلاق الألقاب البشعة على الآخرين، مضافاً إلى حرمة إهانة المسلمين وتحقيرهم.
ثم ذكر الآثار السيِّئة لهذا الأسلوب، وهي: تعرُّض صاحب الاسم القبيح للسخرية والأذى من قِبل الآخرين، ما يؤدِّي إلى شعوره بالدونيَّة والحقارة، وإلى إضعاف علاقته بالآخرين، وظهور مشاعر الحقد والعدواة لديه والتي قد تدفعه إلى المواجهة والانتقام.
الفصل الثاني: أكَّد فيه على سلبيَّة اتِّباع أسلوب التمييز وعدم مراعاة العدالة في سلوك المربّين تجاه المتربِّين. وبيَّن نهي التعاليم الدينيّة عن هذا الأسلوب، مستعيناً بأصل إقامة العدالة في الإسلام، وبالروايات التي تؤكِّد على أنَّ المساواة بين الأبناء هو حقٌّ لهم، وأنَّ عدم المساواة هو ظلم وجور.
كما أكَّد على أنَّ الأضرار الناجمة عن هذا الأسلوب لا تقع على المتربّي المكرَّم فحسب، بل على المتربِّين الآخرين
ـ أيضاًـ وعلى المربِّين أنفسهم.
الفصل الثالث: درس فيه الباحث أسلوب الإكراه والإجبار والفرض، فبيَّن عدم انسجام هذا الأسلوب مع الأسلوب الإلهيّ الذي ترك للإنسان حرّيّة الاختيار حتَّى في اعتناقه للدين نفسه، وفي ما عرضه من سيرة الرسول (ص) وخطب الإمام عليّ (ع) كفاية في بيان رفض الإسلام لهذا الأسلوب.
وأهمّ خسائر هذا الأسلوب أنَّه يؤدِّي إلى نقض الغرض من التربية وإلى عدم حصولها، فضلاً عمَّا ينتجه في المتربِّي من ضعف الثقة بالنفس، والطاعة العمياء أو النفاق، وحبّ الانتقام.
الفصل الرابع: استدلّ الباحث في هذا الفصل على رفض الشارع لأسلوب التحقير والإهانة في عمليَّة التربية، انطلاقاً من تشريف الله سبحانه وتعالى للإنسان واستخلافه على الأرض، إضافةً إلى العديد من الروايات التي تأمر المسلمين باحترام بعضهم بعضاً وتنهاهم عن التحقير والإهانة.
وبعد أن ذكر مظاهر التحقير والإهانة، بيَّن الآثار المذمومة لهذا الأسلوب التي لا تنحصر في ضعف ثقة المتربِّي بنفسه، وشعوره بالذنب والخجل، والاكتئاب والانزواء عن المجتمع، والعدائيَّة والحقد، والميل نحو الشرِّ والدناءة، والنفاق.
الفصل الخامس: من الأساليب الخاطئة في عمليَّة التربية أسلوب الجدال والمراء. وإذا كان الجدال بالتي هي أحسن ممَّا أمر به الإسلام وأكَّد عليه، فإنَّ الجدال غير الحسن والمراء مورد نهي الشريعة ومنعها؛ نظراً لآثاره السلبيّة على الفرد والمجتمع معاً؛ فإذا كان بذل ماء الوجه وخسارة المروءة وإخفاء الحسنات وإظهار السيِّئات وتكدُّر القلب ومرضه من الآثار الواقعة على الفرد جرَّاء هذا الأسلوب، فإنَّ إيجاد العداوة والبغضاء والنفاق والازدواجيَّة يعد من الآثار الاجتماعيَّة. هذا فضلاً عن خطورة تماهي المتربِّي نفسه مع هذا الأسلوب واعتماده مع غيره.
الفصل السادس: تعرَّض في هذا الفصل للازدواجيَّة والتناقض بين القول والعمل، أو عدم التطابق بين قول المربِّي وفعله. واستعان في بيان سوء هذا الأسلوب بالآيات والروايات التي حثَّت على الانسجام وضرورة التطابق بين القول والعمل، وبالآيات الكثيرة التي ذمَّت التناقض بين القول والفعل، وبالآيات المرتبطة بالنفاق والمنافقين، أو بنقض العهد وعـــــدم الوفاء بالوعد، أو تلك المتعلِّقة بالكذب والكاذبين أو بالفسق والفاسقين.
أمَّا آثار هذا السلوك، فذكر منها: إيجاد الكره والضغينة لدى المتربِّي، وإيجاد التردُّد وعدم الثقة بالنفس، وتعليم الرياء والنفاق، وإراقة ماء وجه المتربِّي وفقدان كرامته، ولجوء المربِّي إلى الكذب في التربية، ووقوعه في المعصية أكثر.
الفصل السابع: الأسلوب الأخير الذي تناوله الباحث في هذا الفصل هو أسلوب العقاب، فبيَّن أنَّه من الأساليب التربويَّة التي يمكن اللجوء إليها في ظروف خاصَّة، ويمكن اعتباره من الأساليب الإصلاحيَّة التي لها آثار إيجابيَّة مهمَّة في عمليَّة التربية؛ لكنَّ هذا يتوقَّف على معرفة مراحل العقاب للتدرُّج فيها، وعلى مراعاة الشروط والأصول والقواعد العامَّة للعقاب، وإلَّا تحوَّل العقاب إلى أسلوب مدمِّرٍ بدلاً من كونه أسلوباً إصلاحيّاً، وقد ينتج آثاراً سلبيَّة ومضرَّة بدلاً من تلك الإيجابيَّة.
الفصل الثامن: خصَّصه الباحث لدراسة العلاقة بين الأساليب المضرَّة في التربية وبين نظرة الإنسان إلى نفسه؛ حيث عرَّف أوَّلاً النظرة إلى الذات، وأثبت حاجة الإنسان إلى عزَّة النفس من وجهة نظر الإسلام وعلم النفس، ثمَّ بيَّن أنَّ لنظرة الإنسان إلى نفسه إيجابيَّة كانت أو سلبيَّة تأثيراً على سلوك الفرد. ومن المؤكّد أنَّ الأساليب المضرَّة والخاطئة في التربية كافية في تشكُّل النظرة السلبيَّة إلى الذات، والتي تبرز على شكل صفات روحيَّة ونفسيَّة وسلوكات ظاهريَّة وخارجيَّة تؤثِّر بدورها على نشاطاته كافَّة.
الفصل التاسع: ختم الباحث فصول الكتاب بدراسة أسباب اللجوء إلى هذه الأساليب المضرَّة في التربية، فأرجعها إلى ستَّة عوامل، هي: العامل المعرفيّ، والعامل العاطفيّ والانفعاليّ والحالات النفسيَّة، والعامل التربويّ، والعامل الثقافيّ، وتوقُّع الوصول السريع إلى النتيجة، والفروقات الفرديَّة بين الأبناء والمتربِّين.
وبعد أن أنهى المؤلَّف فصول الكتاب التسعة، قدَّم نتائج وخلاصات هذه الفصول على شكل توصيات واقتراحات عمليَّة في مجال التربية.
تقويم الكتاب:
لقد أجاد الباحث وأفاد كثيراً في كتابه هذا؛ إذ إنَّه كان موفَّقاً في اختياره للموضوع وفي طريقة المعالجة أيضاً، ولا سيَّما من جهة حرصه على الانطلاق في كلِّ المباحث من القواعد العامَّة والأساسيَّة للدين الإسلاميّ، وحسن الاستفادة والتوجيه لكلمات النبيّ الأكرم (ص) والأئمَّة المعصومين (ع)، ومواقفهم العمليَّة بما يخدم بحثه. وللكتاب نقاط قوَّة كثيرة لا يتسع المقام لذكرها جميعاً، لكن ثمَّة بعض المآخذ والملاحظات، منها:
1. العنوان الرئيس للكتاب (إيَّاك أن...) هو عنوان تجاريّ ترويجيّ، وكان من الأفضل الاقتصار على العنوان الفرعيّ (نقد الأساليب المضرَّة في التربية وفق معايير التربية الإسلاميَّة) باعتباره عنواناً علميّاً يكشف عن حقيقة الكتاب، خصوصاً أنَّه عبارة عن رسالة في الدرسات العليا.
2. النقص الكبير في الأساليب المضرَّة التي ذكرها الكاتب؛ إذ إنَّ ثمّة أساليب كثيرة لم يذكرها، ولعلَّها أكثر خطورة وضرراً من تلك التي ذكرها. فالتدليل والحماية الزائدة وتلبية جميع رغبات المتربِّي والإفراط في التساهل والتسامح وغيرها، كلُّها أساليب تضر عمليَّة التربية وتفسد بناء شخصيَّة المتربِّي بشكل كبير.
3. ذكر المصنّف أسلوب (التنابز بالألقاب) بوصفه أسلوباً مضرَّا في عمليَّة التربية، لكن الأهل والمربِّين لا يعتمدون هذا الأسلوب عادة، بل ذلك يصدر عن المجتمع ومن خارج إطار المسؤولين عن عمليَّة التربية. نعم، تكمن مسؤوليَّة الأهل والمربِّين في المسارعة إلى تكنية الأولاد والمتربِّين بالكنى والألقاب الممدوحة لقطع الطريق على الآخرين ومنعهم من تناوله الأبناء بالألقاب المذمومة. وعليه فالصحيح جعل أسلوب (التكنية بالكنى الممدوحة) من الأساليب المفيدة في عمليَّة التربية وممَّا يجب أن يكون، بدلاً من جعل (التنابز بالألقاب) من الأساليب المضرَّة وممَّا لا يجب أن يكون كما فعل الكاتب.
4. التكرار المملّ للأفكار، وإن كان بصياغات مختلفة، سواء داخل الفصل الواحد أو بين الفصول.
5. الإطناب المخلّ الذي وقع فيه في الفصل الخامس عند تعريفه للجدل والمراء.
وثمَّة ملاحظات تفصيليَّة وجزئيَّة أخرى أعرضنا عن ذكرها مراعاة لحجم القراءة؛ نظراً لاحتياج بيانها إلى نقل شواهد تفصيليَّة من الكتاب.
------------------------------
[1]- سورة الحجرات، الآية:11.