-----------

كيف يمكن إقناع المرأة أنها ليست مثل الرجل؟!!

{ محمد باقر كجك }

كيف يمكن إقناع المرأة أنها ليست مثل الرجل؟!!

تنطلق النساء -غالباً- من طبيعة انفعالهنّ لتكوين صورة عن انفعالات الرجل، ويتصرّفن على أساس أنّ الرجل نسخة انفعاليّة عنهنّ، فيُقدّرن بشكل غير متقن ردود أفعال الرجل كلّما اعتبرنه ذا طبيعة انفعاليّة مماثلة لطبيعتهنّ.

ومن المعلوم أنّ انفعال المرأة تجاه الرجل -من حيث طبيعتها- عميق وهادئ، في حين أنّ الرجل ليس كذلك، فهو أكثر سطحيّة وسرعةً في انفعالاته «التلقائيّة»؛ لأنّها تتأثّر بشكل كبير جدًّا بمؤثرات الشكل الخارجيّ وكمالاته الجماليّة، بخلاف المرأة؛ لذا فإنّ استغرابها لانجذاب الرجل «الطبيعيّ» للجمال الخارجيّ، واستنكارها ذلك، ناشئ عن جهلها بطبيعته التكوينيّة، وهو أمر لا يدلّ على أيّ انحطاط فيه.

فالمرأة لا تصدّق- مثلًا- أنّ الرجل ينفعل من بعض تصرّفاتها، ويفهم منها رسائل لم تقصدها، فتستغرب أن يأخذ لابتسامتها أو ممازحتها أبعاداً تتجاوز البسمة أو المزاح، والحال أنّها لا تقصد هذه الأبعاد ولم تفكر فيها أبداً... وعلى مثل ذلك تقاس أمور أخرى وتصرفات مختلفة تحصل بين الطرفين.

 فكيف يمكن إقناع المرأة أنّها ليست مثل الرجل؟ وأنّ عليها التفكير جيّداً بجميع تصرّفاتها؟

الجواب:

لا شكّ أنّ ما تفضلتم وأشرتم إليه في السؤال سليم بشكلٍ عام، فقد دلّت كثير من الأبحاث العصبيّة، والنفسيّة، والبيولوجيّة، والاجتماعيّة، على وجود فوارق دقيقة بين طبيعة المرأة والرجل، ما يؤثر بشكل كبير على نشوء ردود أفعال متباينة بينهما على الموضوع نفسه، فضلاً عن الاختلاف في القدرات التحليليّة والتركيبيّة في عمل العقل والجهاز العصبيّ والعاطفيّ عندهما.

لذلك، كلّما كان لدى الزوجين معرفة أعلى وأعمق بالاختلافات البنيويّة بينهما بهذا اللحاظ، كلما كانت حياتهما أقلّ تعقيداً.

ومن ضمن الإشارات التي أحبّ أن ألفت النظر إليها، أنّ اللّه تعالى وهب الرجل ميزة العقل التي لا أقول إنها ليست موجودة في المرأة، لكن مقارنة بغلبة البعد الجماليّ عندها والذي يفوق جمال الرجل، نجد أنفسنا أمام قوّتين طاغيتين. حينما تظهر في طرف يخفُت الآخر والعكس صحيح.

 وبسبب التكوين الطبيعيّ واحتياج البشريّة للاستمراريّة والبقاء، تمّ تجهيز المرأة بمكوّنات البقاء الأساس أي الحمل والولادة، وما يرافق ذلك من تكوين جسديّ معقّد، ابتداءً من شبكة الهرمونات المعقّدة، ومروراً بالحالات الفيسيولوجيّة الصعبة والمركّبة التي تمر بها بشكل دوريّ، وصولاً إلى الآثار النفسيّة التي يولّدها هذا التعقيد التكوينيّ. كل ذلك،  تمّ إلباسه بالجمال الجسديّ للمرأة، فهذه الكتلة البيولوجيّة والهرمونيّة والعصبيّة والنفسيّة البديعة، مغطاة بجمالٍ جسديّ يأخذ بلب الرجل، وإلا لما توجّه إليها (مع معرفته بما يرتبه ذلك من مواجهة مخاطر ردّات فعل هذا الجهاز والتكوين العجيب، فضلاً عن المسؤوليّات). فهذا الجمال الجسديّ، بالنسبة لنا ليس غطاءً فقط، بل هو نوعُ ميزان وأداة يمكن للمرأة من خلاله أن تضبط إيقاع عمل عقل الرجل

وجهازه العصبيّ والنفسي، في أشدّ حالات الضغط والمخاطر التي يعيشها.

ومن المــعلوم أنّ حسن تهيئة المرأة واستعدادها لاستقبال زوجها على المستويين الماديّ والمعنويّ  يترك أثراً عجيباً في نفس زوجها العائد من مصارعة الدنيا في الخارج، بينما لو أهملت نفسها، فسوف يجتمع على الرجل قبح مواجهة الدنيا، وصورةٌ مشوّهة لجمال كان يمكن أن يكون أجمل بكثير عندها وأكبر تأثيراً.

فالعقل في أحد تجلّياته عند المرأة، يكون من خلال حسن إدارتها للبعد الجماليّ الذي يبدأ من الجسد، ولا ينتهي باللباس، ويشمل المنزل والمحيط.. لأنّ عقل المرأة جماليٌ بطبعه.

بينما، جمالُ الرجل، هو في عقله، في تدبيره لكلّ شؤون الحياة بحكمة وعقلٍ، وترتيب المسالك والمسارب السليمة والضروريّة التي لا يمكن له إنجازها في العادة إلا بصعوبة وشدّة و«قهر» و«جلال».

فبين عقل الرجل، وجمال المرأة اجتماع لجلال وجمالٍ، وسرٌ من أسرار الخلق والتكوين والمعرفة. وإنّ كثيراً من شؤون التربية، والسير والسلوك نحو اللّه، تقوم على فهم الخصائص الذاتيّة للمرأة والرجل، وفي الكلام تفاصيل كثيرة لا يسعنا البت فيها. وقد ورد في الحديث: «عقول النساء في جمالهنّ وجمال الرجال في عقولهم»!

فتأمل جمال هذا التعبير! وكيف أنّه لا يصدر إلا عن كشفٍ تامٍ  لدقائق الخلق وأسرار الوجود[1] .

--------------------------------

[1]- نشجّع على مطالعة  كتاب (جمال المرأة وجلالها) للشيخ جوادي آملي، يتحدث فيه عن أصول ومبادئ عالية في عالم المرأة.