-----------

السوق الرقمي، سوق معمور...

{ حسين عمار }

السوق الرقمي، سوق معمور...

هل سيأتي اليوم الذي نسلك فيه طرقاتٍ دون لوحات إعلانات؟

إذا كنت تملك أهمّ المتاجر في سوقٍ ما، ثم ظهرت حركة نزوحٍ متزايدةٍ باتّجاه سوقٍ آخر، لن يبقى بعد فترةٍ من يقف أمام واجهة متجرك الرائع.

لا بدّ لك من أن تسوّق بضاعتك حيث يكون زبائنك، وتذكّر دائمًا ما هي صنعتك لتعرف من سيهتمّ بها. أيًّا كان ما تريد إيصاله للناس عليك أن تجدهم أوّلًا، أكان منتَجُك فستانًا أو أثاثًا أو برنامجًا، أو حتى كتابًا أو فيلمًا... بل أكثر من ذلك، هناك ما بات يُعرف اليوم بتسويق المضمون Content Marketing.

اليوم، في العام 2018، أو قبل ذلك بكثير حتّى، قد ينسى الواحد منّا بطاقة الهويّة أو رخصة القيادة في المنزل، لكنّ أحدًا لن ينسى هاتفه. وإذا حصل وَنَسيَه، سينزل من الباص ويعود ليحضره. إذا لم يرَ الناس ما تقدّمه على هواتفهم، فاعلم أنّك ما زلت في السوق المهجور!

لو علمت أن انتقالك إلى السوق الجديد ليس بالأمر المكلف، فهل ستتردّد؟

التسويق الرقميّ أقلّ كلفةً بكثير من التسويق التقليديّ، والسبب هنا هو منطق «إربح أقلّ لكن بكميّة أكبر». لقد قرأت في مقال[1] نشره موقع Venturebeat المتخصّص في تكنولوجيا المعلومات أنّ هناك 60 مليون مؤسسةً تجاريّةً تملك صفحةً على موقع «فايسبوك»، أربعة ملايين صفحة منها تُسوّق بفعاليّة.

مجتمعات السوق الرقميّ

تبني منصّات الإعلام الاجتماعيّ والتطبيقات الذكيّة حول نفسها شبكةً من الجماعات التي يتمتّع كلٌّ منها بخصائصه وصفاته. يختلف مجتمع فايسبوك مثلًا عن مجتمع تويتر. وهذا ما صُمّمت هذه المواقع على أساسه ليصبح لكلٍّ منها روّاده.

المكان الأمثل لاستهداف المراهقين والأحداث على سبيل المثال هو إنستاغرام، بينما يغلب الطابع النخبويّ على جماعة مستخدمي التويتر، في حين يشغل فايسبوك المساحة الأكثر تنوّعًا واتّساعًا بين كافة خلايا المجتمع المجازيّ. وعليه فإنّ شركة فايسبوك هي الخيار الأوّل لاعتماد التسويق الرقميّ.

هكذا أنت، عليك أن تبني مجتمعك الصغير، الذي يضمّ الأشخاص المتشابهين الذين يهتمّون لما تقدّمه، أولئك الذين سيعتبرون أنفسهم جزءًا من هذه المؤسّسة وسيصرفون مالهم لديك بكلّ سعادةٍ وثقة. إمنحهم مساحةً تميّزهم عن غيرهم، وأعطهم سببًا ليدافعوا عنك كما يفعل مستخدم Apple، الذي قد يقبل منك أن تشتم بلده في حين أنّه قد يضربك لمجرّد انتقاد هاتف iPhone الجديد!

من أين تنطلق؟

لا ترمِ سلعتك في وجه من لا يهمّه أمرها! ولا تفكّر للحظةٍ بأنّك قادرٌ على تحويل جميع مستخدمي فايسبوك إلى «زبائن». باختصار، لا تخدع نفسك...

عليك أن تتعرّف إلى منتجك جيّدًا، والأصحّ أن تتعرّف عليه قبل إنتاجه حتّى، وعندما تجد الإجابة على الأسئلة التالية ستقطع أكثر من نصف الطريق في عالم التسويق الرقميّ:

لماذا؟ أين؟ متى؟

لماذا سيشتري الناس منك أنت لا سواك؟ إذا لم يكن لمنتجك ميزةٌ خاصّة فجِد له، ابحث عن الإضافة التي ستقدّمها، أخبرهم قصّتك. أين يتواجد من سيهتمّ لهذه القصّة؟ شخّص هذا النطاق جغرافيًا واجتماعيًا وديموغرافيًّا. متى سيحتاج هؤلاء إلى الاستماع إليك ومتى سينتظرونك؟

من هو المستهدف من منتجك؟

كم عمره؟ ما هي صفاته؟ نمط حياته؟ ما هي اهتماماته؟ ليس هناك سلعة أو مشروعٌ يناسب جميع الناس ويوافق كلّ مشاربهم، كلّما كانت دائرة مستهدفيك أصغر وجدت آذانًا صاغية أكثر.

ما هو مقدار الطلب الذي باستطاعتك تلبيته؟

لا بأس أن ينتظر الناس عند باب متجرك، هذا أمرٌ رائع، بشرط أن لا تدعوهم أنت للانتظار.

كم تريد أن تنفق على التسويق الرقميّ؟ وإلى متى؟

لا تنجرّ خلف التطورات واتبع خطّتك. حدّد المبلغ الذي تريد صرفه وتميّز بالصبر. فقد يمضي شهران دون أن ترى شيئًا، وهذا أمرٌ طبيعيّ.

إطلالة على آليّات التسويق عبر الفايسبوك

سأتناول موقع فايسبوك كمثال لكونه الشبكة الاجتماعية الأكثر انتشارًا، إضافةً إلى كثرة الخيارات التي يقدّمها في هذا المجال.

بوّابات التسويق عبر الموقع المذكور هي التالية:

الصفحات: هي بمثابةِ حسابٍ على الفايسبوك يمكنه تمثيل شخصيّةٍ معنويّة، كمؤسسةٍ أو جمعيّةٍ أو حملةٍ أو نشاط.

المجموعات : خلايا للدردشة ومشاركة المواد ضمن مجموعةٍ محدّدة من الأفراد.

التطبيقات : برمجيّات مستقلّة يتم ربطها بموقع فايسبوك، وتُعتبر خيارًا متقدّمًا.

المناسبات المنظّمة والحملات : تُعتمد للترويج لحدثٍ أو نشاطٍ مجازيٍ أو واقعيّ، ويمكن من خلاله مشاركة المنشورات على أنواعها.

الإعلانات وسياسات النشر المدفوعة : الوسيلة الأكثر فعاليّةً للوصول إلى الجمهور المستهدف، وتتمتّع بالمرونة العالية والنتيجة المجدية إذا أحسنت استخدامها.

فلا داعي لأن تدفع إذا أردت الترويج لمؤسّستك أو منتجك ببطء، أما إذا أردت خوض منافسةٍ حقيقيّةٍ – وهو ما تعتمد التسويق من أجله – فعليك أن تبذل بعض المال.

لكن قبل كلّ ذلك، لا بدّ لك من قاعدة تنطلق منها في خطة التسويق، ستحتاج «واجهةً» مجازيّةً لمتجرك تتيح للزبون أن يتعرّف عليك ويسمع «قصّتك». ما أتكلّم عنه هو صفحة الفايسبوك، لا تقع في الخطأ الشائع وتنشئ حسابًا شخصيًا لعملك لأنّك ستفقد خصائص المؤسّسة التي يقدّمها فايسبوك للصفحات.

صفحة الفايسبوك

في ما يلي، بعض الأمور الأساسية التي يفضّل أن تراعيها عندما تنشئ الصفحة:

لا تجعل من اسم الصفحة ملخّصًا عن مجال عملك، هناك مكانٌ مخصّص لكلّ معلومة.

اختر اسمًا مناسبًا لحساب الصفحة يسهّل على محرّك البحث إظهارها ضمن النتائج (اسم الحساب معلومةٌ ثانية غير الاسم الظاهر).

حدّد مجال عملك بشكلٍ صحيح، لأنّه أحد المعايير التي يصنّف المستخدم ما يراه أمامه وفقها.

ضع صورة حساب وصورة غلافٍ بتصميمٍ جميلٍ وجذّاب، لأنّ العنصر البصريّ هو المحفّز الأول. وإذا كنت تثق بشعار مؤسّستك فلا تتردّد في اعتماده.

لا تُخفِ بيانات التواصل عن المستخدم، كالعنوان ورقم الهاتف وما إلى ذلك، لكيّ يتأكّد بأنّك حقيقيّ.

استثمر خانتي الوصف والوصف التفصيليّ بشكلٍ جيّد لتخبر الناس من أنت وماذا ستقدّم لهم.

بعد أن أصبحت تملك صفحتك الخاصة، يمكنك الآن أن تفكّر في سياسات التسويق الأخرى، فمهما اعتمدت من هذه السياسات لا بدّ للزبون من مكانٍ يرجع إليه للاطّلاع على كلّ موادك وهي مصنّفة ومجموعة في مكانٍ واحد.

المفاتيح الآن بين يديك، تعرّف أكثر على سياسات التسويق الرقميّ التي وردت في هذا المقال، وتأكّد أن تصرف مالك عن دراية واطّلاع كي تحصل على النتيجة المرجوّة وتحقّق أهداف الخطة التي رسمتها.

--------------------------

[1]- Ken Yeung, https://venturebeat.com/2016/09/27/facebook-60-million-businesses-have-pages-4-million-actively-advertise/