-----------

  البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

تربية : أنت في المجتمع الرقمي، تعرف على قيمه

الباحث :  آلاء شمس الدين
اسم المجلة :  مع الشباب
العدد :  5
السنة :  السنة الثانية - ربيع 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  June / 23 / 2019
عدد زيارات البحث :  369
«المواطنون الرقميّون» مصطلحٌ جديد  في المجتمع الرقميّ، أطلقه خبير التقنيّة مارك برينسكي (Marc Prensky) عام 2001.  وقد تطوّر هذا المفهوم عندما أصبحت الهواتف الذكيّة المتصلة بالإنترنت جزءاً أساسيّاً من الحياة اليوميّة.
والمواطنة الرقميّة تعني الاستخدام الشعبيّ المسؤول والأخلاقيّ والآمن من جانب الأفراد لتقنية المعلومات والاتصالات، وذلك بوصفهم أعضاءً في المجتمع المحلي، ومواطنين في المجتمع العالمي.
ومع الازدياد المضطرد لاستخدام التكنولوجيا، تزداد أهمّيّة المواطنة الرقميّة ويقع على عاتق المؤسسات التعليميّة والتربويّة مسؤولية تدريس قيمها، فلا يمكن أن يصبح الفرد مواطناً رقميّاً مسؤولاً إلا عن طريق التعليم. وصار لزاماً على هذه المؤسسات التعامل بمهارات جديدة ومختلفة، لأنّها تحتضن جيلاً رقميّاً، فمن خلال تعليم قيم المواطنة الرقميّة يتواءم المجتمع مع العصر رقميّاً. وللأهل- أيضاً- دور كبير في تعليم قيم المواطنة الرقميّة، وذلك عن طريق حماية أولادهم من التنمّر الرقميّ، ومراقبة سلوكهم على مواقع التواصل الاجتماعيّ، والإشراف على المواضيع التي يتفاعلون معها، والتحديد الصارم للوقت المتاح لاستخدامها. وخاصّة مع ازدياد معدل استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ بنسبة 9%؛ فقد تبيّن بحسب تقرير موقع (we are social)   أنّه في مطلع العام 2019،  أصبح 45% من سكان العالم يعيشون في العالم الافتراضيّ.
وللشباب النصيب الأكبر من هذه النسبة؛ فمواقع التواصل الاجتماعيّ خلقت مجتمعات افتراضيّةً يتفاعل معها ملايين الناس من كافة أنحاء العالم، وشكّلت هذه الثورة تغيّراً مهمّاً في السلوك والتكوين الثقافيّ والمعرفيّ للفرد في المجتمع. ونظراً لتأثير هذه التقنيّات، وإنتاجها لسلوكيّات سلبيّة وإيجابيّة، ظهرت حاجة ماسة لوجود سياسات وقائيّة وأخلاقيّات رقميّة وقوانين تضبط استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ.
وقد تمّ تقسيم قيم المواطنة الرقميّة إلى تسعة محاور، ضمن ثلاث فئات وفقاً للهدف من كل محور.

أولاً: احترام النفس واحترام الآخرين:
تتضمن هذه الفئة معايير السلوك الرقميّ، وهي مجموعة من القواعد والسلوكيّات التي يجب تعليمها في المؤسسات التعليميّة لمختلف المراحل العمريّة حتى تصبح مواقع التواصل الاجتماعيّ مكاناً آمناً للجميع، ومجتمعاً افتراضيّاً خالياً من التنمّر الرقميّ واستغلال الآخرين والإساءة إليهم.
كما تتضمّن هذه الفئة الوصول الرقميّ لكافّة المتعلمين وأفراد المجتمع، وذلك بغض النظر عن أوضاعهم الاقتصاديّة والاجتماعية، فالمواطنة تتطلّب المشاركة في المجتمعات المحلّيّة والإقليميّة والوطنيّة؛ وذلك لتعزيز دور الشباب في تطوير المجتمع. ويتحقق الوصول الرقميّ من خلال التمويل المناسب للمؤسّسات التعليميّة الرسميّة والتطوير الأكاديميّ في المناهج التعليميّة بما يتناسب مع العصر الرقميّ.
ولا بد من قانون يضبط الوصول الرقميّ والسلوك في العالم الافتراضيّ، لذا فإنّ القانون الرقميّ يُعدّ من أهم محاور المواطنة الرقميّة، وهو من القيود التي تُحكِّم استخدامنا للتكنولوجيا. فبعد أن سهّلت مواقع التواصل الاجتماعيّ من عمليّات السرقة العلميّة والفكريّة، والانتحال والاعتداء على العلامات التجاريّة بالإضافة إلى الجرائم المعلوماتيّة مثل: التعدّي على هويّة الآخرين واختراق معلوماتهم الشخصيّة والتضليل بهم... يقوم القانون الرقميّ بوضع حد لهذه الأفعال من خلال التعليم والتوعية من قبل المدرسة والجامعة والمجتمع.

ثانياً: التواصل مع الآخرين:
سهّلت الهواتف الذكيّة عمليّة الاتصال والتواصل مع الآخرين، لكنّها خلقت مشاكل عديدة أبرزها التبادل الرقميّ للمعلومات وحفظها. وينتج عن ذلك في كثير من الأحيان عمليّات ابتزاز وتهديد. وعادة ما يحدث هذا السلوك عبر خدمة الدردشة الخاصّة على الفيسبوك والإنستغرام والواتساب التي توفّر حفظ المعلومات المكتوبة والصوتيّة والصور. لذا لا بدّ من الانتباه في التواصل مع الآخرين، خاصّة إذا كانوا غرباء، والحرص على عدم إرسال معلومات شخصيّة لهم عبر هذه المواقع. وعلى المؤسسات التربويّة أن تقوم بالتوعية من مخاطر هذا السلوك.
لا يتوقف مفهوم محو الأمية الرقمية الذي يمثّل أحد محاور المواطنة الرقمية على المهارات الأساسية لاستخدام التقنيات الرقمية، بل يتعداه إلى بناء القدرة على اكتشاف المعلومات عند الحاجة إليها، وتحديد كيفيّة الوصول إليها والتحقّق من صحّتها واستخدامها بشكل فعّال. وتلعب المدارس دوراً كبيراً في تنمية قدرات الطلاب على استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ.

ثالثاً: حماية النفس وحماية الآخرين:
إنّ ازدياد الاعتماد والتبعية على مواقع التواصل الاجتماعيّ أظهرت تحديّات ومخاطرَ جديدةً تواجه أمن شبكات الاتصال وبناها التحتيّة، وصارت هذه المواقع تستخدم  لتنفيذ جرائم ومراقبة الآخرين وملاحقتهم؛ لذا لا بدّ من اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الوقاية والحماية الرقميّة، ولا يكفي الوثوق بأعضاء المجتمع الافتراضيّ. والأمن الرقميّ هو جزء من قيم المواطنة الرقميّة وحتى نحمي أنفسنا رقميّاً لا بدّ أن يتوافر برنامج حماية من الفيروسات، وأن لا نحتفظ بمعلومات مهمّة وصور شخصيّة على الهواتف واللوائح الذكيّة. ومن التدابير الوقائيّة عدم استخدام خاصّيّة تحديد الموقع، وعدم إرسال المعلومات على مواقع الأصدقاء الافتراضيّين.
إنّ معدل الوقت الذي يقضيه الفرد على مواقع التواصل الاجتماعيّ يبلغ حوالي 6 ساعات ونصف يوميّاً، وذلك حسب نفس التقرير الذي أصدره موقع (we are social)، وإنّ  كثرة استخدامها تؤثّر على الصحّة العقليّة والنفسيّة والبدنيّة للأفراد، فقد يصاب بعضهم بتلف في بعض وظائف الدماغ،  ويجعل العقل خاملاً خاصّة في ما يرتبط بالذاكرة الطويلة المدى، كما أنّها قد تؤدّي إلى  انطواء الفرد وازدياد معدلات الكآبة، ولا سيّما عندما يصبح الفرد مدمناً. وأشارت الدراسات إلى أنّ ثمّة أعراضاً مرضيّة وسلوكيّة أنتجها الإدمان على المواقع الافتراضيّة   وفي عالم الخيال الإلكترونيّ، ومنها الأرق والتشويش وعدم انتظام الذاكرة وفقدان المهارات الاجتماعيّة واللامسوؤليّة. لذا من الواجب تبنّي عادات صحّيّة سليمة، والتقنين من الاستخدام المفرط لهذه الوسائل، وهو ما تهتمّ به قيمة الصحة والسلامة الرقميّة في المواطنة الرقميّة، ويحتاج الشباب إلى التوجيه الدائم والمستمر على الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا.
إنّ منظومة التعليم هي الكفيلة بنشر مفهوم المواطنة الرقميّة من خلال مساعدة المعلمين والتربوييّن عموماً وأولياء الأمور على فهم ما يجب على الطلاب معرفته من أجل استخدام التكنولوجيا بشكل مناسب. فالمواطنة الرقميّة هي أكثر من مجرد أداة تعليميّة، هي وسيلة لإعداد الشباب للانخراط السليم والمسؤول والمشاركة الفاعلة في المجتمع الرقميّ. ولا شكّ أنّ نشر ثقافة المواطنة الرقميّة في البيت والمدرسة والجامعة أصبح ضرورة ملحّة، يجب أن تتحوّل إلى برامج ومشاريع بالتعاون مع جمعيّات المجتمع المدنيّ والمؤسّسات الإعلاميّة، حتّى نستطيع حماية مجتمعاتنا من الآثار السلبيّة المتزايدة للتكنولوجيا، وتعزيز الاستفادة المثلى منها للمساهمة في تنمية مجتمع المعرفة.