-----------

  البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

بوصلة : الشباب صانع الأمل

الباحث :  حسن أحمد الهادي
اسم المجلة :  مع الشباب
العدد :  5
السنة :  السنة الثانية - ربيع 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  June / 23 / 2019
عدد زيارات البحث :  461
إنّ العودة الصادقة إلى الفطرة والعقل، والتأمّل في حكمة خلق الإنسان، والبحث عن أدواره وواجباته في هذه الدنيا، تفتح الفكر على تساؤلات ترتبط بأهداف الإنسان وما يلبّي طموحه، وينسجم مع الخطة التي رسمها لنفسه. ولهذه الغاية تتجاذبه الثقافات والتقاليد والأعراف، بل وتأسر فكره. لكنّ رسالات السماء وإلى جانبها العقل، تفتح للإنسان أبواب العودة إلى الفطرة السليمة المغروسة في أعماق نفسه، وتمنحه قوّة دافعة للتفاعل الإيجابيّ  مع كلّ أدواره وواجباته وأهدافه المتنوّعة والممتدة على مراحل العمر كافّة، لتعطيه بذلك الجواب الشافي عن تساؤلاته.
 ولعلّ الشباب هم الشريحة الأكثر استهدافاً في هذا المجال؛ لأنّهم القوّة التي تحرّك المجتمع، وتبثّ فيه روح الحياة والنشاط، وتعزّز عناصر القوّة والثبات في بنيانه، ولهذا تصنّف المجتمعات التي تحوي  نسبة كبيرة من الشباب، بأنّها مجتمعات قويّة ومقتدرة ولها حضورها المؤثّر في الميادين المختلفة.
وقد تبيّن وفقَ إحصائيات مُنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثّقافة (اليونسكو) أنّ نسبة الشّباب في العالم تُقارب 18% من مجموع سكّانه؛ حيث يوجد في العالم ما يقارب 1.2 مليار شخص ضمن فئة الشّباب، كما تشير الإحصائيّات إلى أنّ أعداد الشباب في الجيل الحالي تفوقُ أيّ عددٍ مضى عبر التاريخ[1].
وبغض النظر عن واقعيّة النسب العالميّة لشريحة الشباب ودقّتها في حسابات الديموغرافيا، تبقى هذه الشريحة أمام تحدّيات كبرى لناحية ضرورة الحضور الفعّال والمؤثّر في الميادين التي تبني المجتمعات، وتربّي الإنسان وتصنع الحضارات، ولا سيما في المجالات المعرفيّة، والاجتماعيّة، والتربويّة، والاقتصاديّة؛ ولهذا كان لا بدّ لجيل الشباب من الالتفات إلى الثوابت التي تمكّنهم   من الإمساك بزمام المبادرة، وتقديم خدمة جليلة لأنفسهم ولمجتمعهم. أمّا إذا تخاذلوا  وانكفؤوا أو تركوا الميدان لغيرهم، لضيّعوا الهويّة الحقيقيّة لمجتمعاتهم، ولم يكن لحضورهم أيّ تأثير في بناء المجتمع وتطوّره ورقيّه. ومن هذه الثوابت، ما يأتي:
ـ العلم والمعرفة: إنّ الشباب هم القوّة التي تنهض بالمجتمعات نحو التقدّم والرقيّ والحضارة، وهذا التقدّم لا يحصل إلا إذا أدرك الشباب أنّ العلم والمعرفة والبحث العلميّ في مختلف المراحل والتخصّصات العلميّة هو الأولويّة المطلقة التي لا تهاون فيها، وأنّه لا يمكن لأمّة أن ترتقي على مستوى تربية البشر والمجتمع والمدنية بكلّ متطلّباتها إلا من بوابة العلم والمعرفة.
ـ استثمار مرحلة الشباب: تتميّز هذه المرحلة العمريّة بذهن وقّاد، وثقة عالية بالنفس، وقوّة في البنية الجسديّة، والقدرة على العمل، والعطاء، والسعي الدؤوب  نحو بناء الذات وتحقيق الأهداف، وهو ما يؤكّد ضرورة الاستثمار الواعي والكامل للطاقات الكبيرة في التربية والتعليم والبناء الاجتماعيّ والتطوير الشامل لمرافق الحياة والمجتمع...، وعليه فإن تساهل الشباب وضيّعوا طاقاتهم في مغريات هذا العصر، وغرقوا في متاهات وسائل الإعلام  الجديدة بكلّ ما تحمله من غثّ وسمين،... فإنّهم بذلك قد ضيّعوا أغلى مراحل العمر وأجملها، وانتقلوا - بفعل الإعلام الجديد- من الحياة الواقعيّة إلى الحياة الافتراضيّة، وضاعت أهدافهم في حنايا الثقافات الهجينة التي تستند في خلفياتها إلى معاناة الغربيين وعُقدهم.
ـ الوعي وتحمّل المسؤولية:  لا شكّ أنّ الوعي ناتج عن العلم  والثقافة والخبرة في التعامل مع متطلّبات الحياة والمجتمع، وهو يتطلّب حكمة وحنكة وجديّة في التفكير والتخطيط والتدبير والإجراء مع كل ما يحيط بالشباب من قضايا وتحدّيات، ومن خلاله يدخل الشباب إلى عالم تحمّل المسؤوليّة الفردية والعامّة بنجاح ولياقة، ويرسمون جداريّات النجاح بكلّ ألوان الحياة.
ـ أولوية الحضور الاجتماعيّ:  إنّ فسح المجال أمام الشباب لممارسة دورهم الاجتماعيّ، وحسن توجيههم يساعدهم في بناء شخصيّتهم وتنمية كفاءاتهم، ويزوّدهم بالخبرة الاجتماعيّة، وفي حال عدم قيام الشباب بدورهم الاجتماعيّ، فإنّ ذلك يؤدّي إمّا  أن تخمد طاقات الشاب، وتُقتل مواهبه، وتدفن طموحاته…، وإمّا أن يبادر إلى ممارسة أدوار منحرفة تبعده عن أهله وبيئته وقيمه.
ولهذا يجب أن يبقى الشباب في قلب الحياة الاجتماعيّة العمليّة ومن أركانها الأساسيّة. وإلّا لاحتواه الآخرون وصاغوا شخصيّته وفق برامجهم المليئة بالميوعة والانحلال الخلقيّ .

ختاماً:
أنتم أيها الشباب الأعزاء تصنعون الأمل...، أنتم أهل العلم والعمل والمثابرة والحضور الفاعل في مختلف الميادين والساحات، لا ترضوا بالقليل ولا تتواضعوا في تحصين أنفسكم ومجتمعكم، ولا تضعفوا أمام كلّ حملات الإعلام الجديد Social Media؛ فتحقّقوا أهدافها بهدم قوّة المجتمع وعماده، المتمثّل بكم.
وتذكّروا دائماً أنّكم إذا ما قوّيتم علاقتكم باللّه تعالى، وروّضتم أنفسكم وجعلتموها تعتاد على الأعمال الطيّبة والأخلاق الحسنة والسلوك السويّ، فإنّ هويّتكم الإنسانيّة ستتشكّل على هذه الصورة، وعندها تتمكّنون من التأثير في المجتمع الذي تعيشون فيه، بل يصبح كلّ فرد منكم محرّكاً قويّاً يبثّ الروح في مجتمعه، ونبعاً مباركاً للمعرفة والعطاء والعمل والإيثار. كيف لا ... وأنتم الأمل.

رئيس التحرير

حسن أحمد الهادي


[1] اليونيسكو والشباب، الاستراتيجيّة . عن موقع www.unesco.org