-----------

  البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

إسهامات حضارية : الشاعر المعروف.. والرياضي المغمور عمر الخيام

الباحث :  زينب فهدا
اسم المجلة :  مع الشباب
العدد :  5
السنة :  السنة الثانية - ربيع 2019م / 1440هـ
تاريخ إضافة البحث :  June / 23 / 2019
عدد زيارات البحث :  374
فيلسوفٌ وعالمٌ  فارسي،  ذو أصول عربيّة، سطّر برباعياته التي حاكت الوجدان أجمل الصور، عاش فترةٍ من التاريخ الإسلاميّ كانت تعج بالمتغيّرات، لا يعرفه كثيرون إلّا بوصفه شاعرًا، لكنّه كان رياضيًّا وفلكيّا ماهرًا، وشخصيةً عالميةً شهيرة عرفها الأوروبيّون قبل العرب، حيث تُرجمت رباعيّاته إلى اللغة الإنجليزيّة.

مَن هو عمر الخيام؟
هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام، ولد في 18 أيار/ مايو 1048 في مدينة نيسابور التجاريّة الكبرى شمال فارس، والده هو الطبيب الغنيّ إبراهيم الخيّامي. قيل إنّه عُرف بعمر الخيام نسبة إلى والده الذي كان يعمل بصناعة الخيام. عاش معظم حياته في نيسابور وسمرقند، وكان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل: بخارى، وبلخ، وأصفهان، رغبة منه في التزود من العلم وتبادل الأفكار مع العلماء، فتخصّص في الرياضيّات، والفلك، واللغة، والفقه، والتاريخ.
وُلد عمر الخيام  في مدينة نيسابور التي كان يحكمها السلاجقة، وقضى معظم أيّامه بين بلاطي السلطان القراخانيّ والسلجوقيّ. وكان له صديقان لعبا دوراً محورياً في التاريخ الإسلاميّ، نظام الملك والحسن الصباح، لكنّه نأى بنفسه عن صراعاتهما وآثر التفرّغ لعمله وشعره[1].
توفي عمر الخيام عن عمرٍ ناهز  83 عامًا في بلدة نيسابور في 4 كانون الأول/ ديسمبر عام 1131، ودُفن في قبرٍ كان قد اختار موقعه مسبقًا.

سيرته العلميّة وأهمّ مؤلّفاته[2]:
اشتُهر الخيّام بصفته شاعراً، لكنّه برع  في علم الرياضيّات، حيث تتلمذ على يدي عالم الرياضيّات المشهور «باهمانيارين مرزيان» الذي كان طالبًا لدى الطبيب الكبير والعالم والفيلسوف ابن سينا، وقد قدّم لعمر الخيام تعليمًا شاملًا في العلوم والفلسفة والرياضيّات. وقام الخواجى الأنباريّ بتدريسه علم الفلك وتوجيهه من خلال مجسطي بطليموس (وهي أطروحة رياضيّة فلكيّة باللغة اليونانيّة).
اخترع عمر الخيام  أوّل طريقة لحساب المثلثّات والمعادلات الجبريّة من الدرجة الثالثة. واشتغل في تحديد التقويم السنويّ للسلطان ملكشاه، والذي صار التقويم الفارسيّ المتبّع إلى اليوم. وهو أوّل من استخدم الكلمة العربيّة «شيء» التي رُسمت في الكتب العلميّة البرتغاليّة (Xay) وما لبثت أن استُبدلت تدريجيًّا بالحرف الأوّل منها «x» الذي أصبح رمزاً عالميّاً للعدد المجهول. وقد تولّى الرصد في مرصد أصفهان.
 ذكره ابن الأثير في كتابه الكامل بقوله:«كان الخيّام أحد المنجمين الذين عملوا في «الرصد» للسلطان ملكشاه السلجوقيّ سنة 467 هـ. ونقل القميّ أنّ الخيّام كان أحد الحكماء الثمانية في عصر السلطان جلال الدين «ملكشاه»، وهم الذين وضعوا التاريخ الذي مبدأه نزول الشمس أوّل الحمل، وعليه كان بناء التقاويم»[3].
كانت له مؤلّفات عدّة أشهرها: «شرح ما أشكل من مصادرات أقليدس»، «رسالة في الموسيقى»، «مقالة في الجبر والمقابلة». وبلغت شهرة الخيّام ذروتها بمقطوعاته الشعريّة «الرباعيّات»، وله بعض الرسائل الفلسفيّة أيضاً، منها «رسالة في الكون والتكليف» و «الرسالة الأولى في الوجود» و «مختصر في الطبيعيّات». وتشرح رباعيّاته وجهات نظره الفلسفيّة التي كانت تشاؤميّة أحيانًا.

رباعيّات الخيّام:
الرباعيّة[4] هي مقطوعة شعريّة كُتبت بالفارسيّة، مؤلّفة من أربعة أبيات، الشطر الثالث منها يكون مطلقاً بينما تكون الثلاثة الأخرى مقيّدة. أدّت كثرة ترجماتها إلى العربيّة واللاتينيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة والألمانيّة والإيطاليّة والدنمركيّة وغيرها، إلى اختلاف الآراء حولها؛ إذ يرى بعضهم أنّها تدعو لليأس والتهكّم أكثر من مناداتها للتمتّع بالحياة والدعوة إلى الرضى؛ لذلك شكّك بعضهم بكون الرباعيّات تخصّ عمر الخيّام فعلاً، فهي تدعو بجملتها إلى اللّهو والمجون واغتنام فرص الحياة الفانية، ما أدّى إلى اتهام الخيّام بالإلحاد، لذلك يعتبر بعض المؤرّخين أنّ الرباعيّات نُسبت خطأً للخيّام، ومنهم  المستشرق الروسيّ زوكوفسكي. فالمتتبّع لحياة الخيّام يجد أنّه عالم جليل وذو أخلاق سامية.
كسا الخيام بأشعاره الأدب الفارسيّ؛ حيث كان موفقًا في انتقاء الألفاظ، بالإضافة إلى الانسجام والسلاسة والتشبيهات والاستعارات اللطيفة، وعدم التكلّف.

هل كان عمر الخيام صوفيّاً؟
إنّ الذين توهّموا أنّ الخيّام كان شاعراً صوفيّاً اعتمدوا على بعض الأفكار التي أوردها في رباعيّاته، فحملوها على التصوّف، مع أنّ بعضها كانت شائعة في مذاهب متعدّدة. يقول القفطيّ في كتابه «إخبار العلماء بأخبار الحكماء»: «قد وقف متأخروا الصوفيّة على شيء من ظواهر شعره فنقلوها إلى طريقتهم وتحاضروا بها في مجالساتهم وخلواتهم»[5]. وأمّا نجم الدين الرازيّ الذي يعدّ من كبار الصوفيّة فأشار إليه بقوله: «فلسفيّ دهريّ طبيعيّ»، وهذا القول صريح في أنّه ليس منهم[6].

------------------------------------
[1]-  يراجع: رباعيّات عمر الخيام، تعريب السيد أحمد الصافي النجفيّ، لا ط، دار الأمير، قم، 1405، ص26.
[2]-  يراجع: الزركليّ، خير الدين: الأعلام. ط 15، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م، ص38.
[3]- يراجع: الزركليّ، خير الدين: الأعلام، ط 5، دار العلم للملايين، بيروت، 1980م، ج 6، ص: 38.
[4]-  اسم الرباعيّة كان يطلق قديماً على الأربعة أشطر كما في رباعيّات الخيّام التي يتألّف كل منها من بيتين.
[5]-  القفطبيّ، أبو الحسن: إخبار العلماء بأخبار الحكماء، ط1، 2005م، حرف العين.
[6]-  يراجع: رباعيّات الخيّام: تعريب : السيد أحمد الصافي النجفيّ. لا ط، دار الأمير، قم، 1405، ص28.