-----------

  البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

إسهامات حضارية : مؤسس علم الكيمياء : جابر بن حيان

الباحث :  علي هادي
اسم المجلة :  مع الشباب
العدد :  2
السنة :  السنة الاولى - ربيع 2018 / 1439هـ
تاريخ إضافة البحث :  June / 28 / 2018
عدد زيارات البحث :  599
على نحو ما زالت البشرية تعيش على مائدتهم العلمية، برع المسلمون قبل قرونٍ خلت في تطوير مسيرة المعرفة الإنسانية، وأسهموا في صناعة الحضارة إلى حدّ الابتكار والإبداع. إذ عملوا على تطوير حياتهم في مختلف جوانبها العلمية والسياسية والخدماتية والتقنية، منذ أول بروز الإسلام وسطوع شمسه.
وقد عمل القادة الدينيون في الأمة على دعم حركة التطور العلمي، فنلاحظ مثلاً أن الإمام جعفر الصادق عليه السلام كان يحثّ تلامذته على تعلّم العلوم النافعة، والتي يمكن من خلالها تطوير الحياة الإنسانية، ومنهم جابر بن حيان. الذي يعدّ من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وتلامذته البارزين. وقد أخذ علومه ومعارفه عنه، وهذه الحقيقة صرّح بها كثير من المستشرقين الغربيين ككارديفوا.
سيرة مشرقة
وهو أبو موسى بن عبد الله الطوسي، الكوفي، المعروف بالصوفي. ولد بمدينة طوس سنة 120 ه.ق، والمشهور أنّه توفي في سنة 190.
يعتبر جابر من مفاخر علماء الإسلام ومشاهيره مِن مَن برعوا في الفلسفة، والطب، والرياضيات، والفلك، والمنطق، والنجوم. إلى ذلك تمتعت شخصيته ببعد أدبي وأخلاقي، فكان جابر أديباً، زاهداً، واعظاً، وهذه سيرة العالم الحقيقي الذي يقرن العلم بالأخلاق في مسيرة حياته.
انتقل إلى الكوفة ودخل البلاط العباسي في عهد هارون، وكانت علاقته جيدة بالبرامكة، لاهتمامهم بعلم الكيمياء.
مكانته العلمية
اهتم علماء الشرق والغرب بشخصية جابر، اهتماماً بالغاً، فقد ألّفوا كتباً خاصة حول شخصيّته، وسيرته، وإنجازاته العلمية والفكرية، فمثلاً ألّف أحمد بن محمد أبو عبدلله الجوهري كتاباً خاصاً حول جابر.
وقد قام بول كراوس بجمع بعض مخطوطات جابر من مختلف المكتبات الأوروبية، ونشرها في كتاب بعنوان: «مختار رسائل جابر بن حيان»، وألّف مجلدين عنه، وعن مؤلفاته، ومذهبه.
أوّلاً: مؤسّس علم الكيمياء:
يقول برتلو Berthelot . M : «لجابر في الكيمياء ما لأرسطو وطاليس قبله في المنطق».
يعدُّ جابر بن حيان الكيميائي الأوّل في العالم، وأوّل واضع لأسس الكيمياء ومدوّنها، وصاحب سرّها، حتى سمّيت باسمه «علم جابر»، فكان عَلَماً عليها كما يقال (أبقراط) على الطب، أو (بطليموس) على الفلك.
وحين اتجهت أوروبا إلى العرب؛ تغترف من بحر علومهم، لم تجد عالماً في الكيمياء كجابر، فاهتموا بكتبه كما لم يهتمّ العرب فيها. واشتهر عندهم باسم Geber، وباللاتينية Geberus، وعني بتحقيق سيرته من الأوروبيين الأستاذ هولميارد في مقالة له نشرها سنة 1923م، وذكره في كتاب له وهو الكيمياء، الصادر سنة 1957م، في سلسلة بليكان الانكليزية. وأيضًا في كتبٍ أخرى.
كان منزل جابر مختبراً علميّاً كما يذكر هولميارد. ويذكر بأنّه قد عُثر على معمل جابر أثناء الحفر في أنقاض منازل في الكوفة منذ قرنين من الزمن. وقد كان أشبه بالقبو، وبعيد عن الأعين، ووُجد فيه: قوارير، وموقد، وأفران، وهاون، وميزان، وأجهزة تقطير إلى جانب كثير من الأدوات، فكانت ما يقرب من أربعين جهازاً وأداة.
ثانياً: علم النجوم والفلك:
كان جابر من أشهر علماء زمانه في علم النجوم والفلك، وكان بارعاً عارفاً بأسرار هذا العلم، وقد دوّن العديد من الكتب حول الشمس والقمر والنجوم، وابتكر أموراً لم يسبقه إليها أحد. وكان بارعاً في علم الطلسمات، وتأثير النجوم والكواكب. وله في مدينة مصر مؤلّفًا في عمل الأصطرلاب يتضمن ألف مسألة لا نظير له، وعثر له السيد ابن طاووس على مؤلّف في علم النجوم.
ثالثاً: علم الطب:
جابر الكيميائي هو أيضاً طبيبٌ حكيم. ألّف في علم الطب ما يقارب 500 كتاب، وكان يدخل إلى البلاط العباسي، ويعالج كبار رجالات الدولة من الحكام والوزراء. وقد نقل جابر العديد من الروايات الطبيّة عن أستاذه الإمام جعفر الصادق، وبدوره نُقل عنه الكثير منها أيضًا.
براءة اختراع وابتكار
نتج عن الشخصية التي تميّز بها جابر الكثير من الإنجازات العلمية التي لا تزال موضع استفادة البشرية حتى اليوم. مستحقًا بذلك جائزة الابتكار العلمي ومن أهم انجازاته العلمية أنه:
أرسى قواعد العلم التجريبي، ورسم له منهجه، وحدد موضوعه.
وضع نظرية تركيب المعادن، ومفادها أن المعادن جميعها مؤلفة من عنصرين أساسيين، هما الكبريت والزئبق.
ابتكر علم الموازين، فقد جعل لكل جسد من الأجساد موازين خاصة بطبائعه.
استحضر «حامض الكبريتيك»، و«حامض النتريك».
كشف «الصودا الكاوية».
استحضر «ماء الذهب»، وأدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الحامض.
لاحظ ما يحدث من راسب «كلوريد الفضة» عند إضافة محلول ملح الطعام إلى محلول نترات الفضة.
أشار إلى طبقات العين، فسبق بذلك يوحنا ابن ماسويه المتوفّى سنة 243 ه‍، وسبق حنين بن إسحاق المتوفّى سنة 264 ه‍.
وصف أعمال التقطير والتبلور والتذويب والتحويل.
استحضر مركبات أخرى، مثل: كربونات البوتاسيوم، وكربونات الصوديوم، وقد استعمل ثاني أكسيد المنغنيز في صنع الزجاج، ودرس خصائص الزئبق ومركباته واستحضرها، واستعمل بعضها، فيما بعد، في تحضير الأوكسيجن.
أحيوا التراث العلمي لجابر!
ألف جابر وصنّف في شتى العلوم: المنطق والفلسفة، الزهد والمواعظ، وعلم الطب الإنساني، والطب الحيواني، وعلم النبات، وعلم الفلك، وعلم الأحجار، والأملاح، والسموم، والحيل، وصنائع مجموعة وآلات الحرب، وله كتب كثيرة في علم الكيمياء ككيمياء المعادن وعللها، وكتاب التدابير، وغيرهم.
وعُدّت مؤلفاته فكانت ما يزيد على 3900 كتاب. بعضها تشتمل ألفي ورقة وبعضها الآخر على ألف، وأشار في كتبه إلى رسائل الإمام جعفر الصادق، وهي خمسمائة رسالة في الكيمياء.
إلى ذلك ألّف ابن حيّان أكثر من ثلاثة آلاف رسالة في العلوم الطبيعية. ومؤخّرًا طُبِعَ له رسالة جعفر الصادق في علم الصناعة والحجر الكريم ومعها ترجمة ألمانية. وله مخطوطات كثيرة منتشرة في المكتبات العربية والعالمية.
إن هذا التراث العلمي الذي تركه جابر بين حيان لهو من الكنوز النادرة، والتي يقع على عاتق الباحثين والمحققين السعي إلى إحياء هذا التراث العلمي.
فأحيوا تراث جابر.